İslam'da Eğitim ve Öğretim
التربية والتعليم في الإسلام
Türler
رأى نظام الملك أن النشاط العلمي لهؤلاء القوم يجب أن يجابه بنشاط ثقافي مثله، وأن الدعاوة العلوية والباطنية يجب أن تقاوم بدعاوة مثلها؛ ولذلك أخذ يفكر جديا في إنشاء مراكز ثقافة تقف أمام ذلك النشاط. ولا شك في أن هذا كله قد ولد في ذهن نظام الملك السلجوقي ضرورة إيجاد معاهد علمية منظمة تخرج رجالا يستطيعون الوقوف أمام الدعاوات الباطنية، وكانت تلك المعاهد تحمل اسم ذلك الوزير، وفي مقدمتها «المدرسة النظامية» في بغداد.
وإن الأستاذ الدكتور محمد أسعد طلس في أطروحته هذه بقسميها: الأول عن تاريخ التربية، والثاني عن النظامية
1
لم يكشف لنا عن الحقائق المجهولة في هذه القضية فحسب، بل إنه أبان العوامل الفعالة التي دعت إلى تأسيس «المدارس النظامية»، كما بين - بوضوح وجلاء ودقة - المعالم الحقيقية التي تميز هذه المدارس النظامية عن المؤسسات العلمية الأخرى المماثلة لها، وبين الآثار التي كانت لهذه المدارس النظاميات في المدارس الأخرى التي وجدت في العراق بعدئذ.
والحق أن هذه المدارس النظاميات، وبخاصة مدرسة بغداد، بتاريخها العلمي الحافل، قد استطاعت أن تؤدي المهمة الجليلة التي شادها نظام الملك من أجلها، كما أنها أنتجت النتائج التي أرادها لها ذلك الوزير الخطير؛ فاستطاعت أن تقف أمام الدعاوات التي كان يشنها أعداء السنة على أهلها.
والحق أيضا أن نظامية بغداد لم تكن - كما سيرى قارئ رسالة الدكتور طلس - مركزا علميا أو معهد أبحاث وحسب، بل كانت مؤسسة ثقافية واسعة ذات طابع جامعي بحت، وكانت خلال الدهور الطويلة المتعاقبة التي عاشتها مقرا لنفر من كبار العلماء والحكماء والمشاهير، كما أنها خرجت جمهرة من مشاهير الطلاب الذين أفادوا من درسها ولمع اسمهم في العالم الإسلامي بأسره.
وإنه لمما هو جدير بالشكر والفخر، ذلك الجهد الجبار، والصبر الطويل المثمر، اللذان يتجليان في هذه الدراسة التي يقدمها لنا الدكتور طلس؛ فقد بذل أجل الجهد في التنقيب عن تاريخ التربية الإسلامية، كما بحث بدقة عن المدرسة النظامية وآثار أساتذتها وطلابها في كافة أنحاء العالم الإسلامي في القرون الوسطى. وسيرى قارئ «تاريخ المدرسة النظامية» أن تلك القائمة الطويلة التي تنتظم أسماء الأساتذة وأحوالهم هي قائمة حافلة بأخبار نفر كبير من العلماء الفحول في شتى نواحي العلم الثقافية، كما أنهم كانوا من مواطن متعددة، وبلاد نائية متباعدة، كما يلاحظ القارئ أن تلك القائمة الحافلة قد خرجت بالبحث عن الحدود التي ينتظمها عنوان الرسالة، ولكنها الضرورة العلمية التي حتمت على الدكتور طلس سلوك هذه الطريق؛ لأنه أراد أن يوضح الدور العلمي الخطير الذي قام به هؤلاء الأساتذة والطلاب الفضلاء.
فجاء عمله هذا جليلا ومفيدا لأنه اختص بدراسة ناحية من نواحي العلم والثقافة والنشاط الفكري العالمي في بقعة واسعة من بقاع الدنيا؛ فكشف لنا بعمله هذا عن حقيقة أمرها ومقدار فعاليتها خلال أحقاب طويلة من التاريخ.
تقديم المؤلف للطبعة الفرنسية
إن الغاية النبيلة التي أقصد إليها في دراستي هذه هي إبانة القدر الرفيع للتربية الإسلامية، ولفضل «المدرسة النظامية» في تثقيف العالم الإسلامي وتربية نشئه تربية صالحة.
Bilinmeyen sayfa