المبحث العاشر
مناظراته
ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك وأن أبا عبدا لله الأردي قال: «كان الملك عضد الدولة يحب العلماء، وكان مجلسة يحتوي منهم على عدد عظيم من كل فن، وأكثرهم الفقهاء المتكلمون، وكان يعقد لهم مجالس للمناظرة. وكان قاضي قضاته -بشر بن الحسين- معتزليها فقال له: عضد الدولة يومًا: هذا المجلس عامر بالعلماء، إلا إني لا أرى فيه قاعدًا من أهل الإثبات -يعني أهل الحديث- ينصر مذهبه. فقال له قاضيه: إنما هم أصحاب تقليد ورواية، يروون الخبر وضده، ويعتقد جميعًا، ولا أعرف منهم أحدًا يقوم بهذا الأمر، ثم أقبل يمدح المعتزلة.
فقال له عضد الدولة: محال أن يخلو مذهب طبق الأرض من ناصر له، فانظر أي موضع فيه مناظر نكتب له ويحضر مجلسنا، فلما عزم عليه قال القاضي: أخبروني أن بالبصرة شيخًا وشابًا: الشيخ يعرف بأبي الحسن البالي، وفي رواية أبي بكر بن مجاهد، والشاب يعرف بالباقلاني. فكتب الملك من حضرته يومئذ بشيراز إلى عامله بالبصرة ليبعثهما إليه، وأرسل مالًا لنفقتهما من طيب ماله.
فلما وصل الكتاب إليهما. قال الشيخ وبعض أصحابه: «هؤلاء القوم كفرة فسقه -لأن بني بزيه من الديلم روافد- لا يحل لنا أن نطأ بسطهم، وليس غرض الملك من هذا إلا أن يقال إن مجلسه مشتمل على أصحاب المحابر كلهم، ولو كان خالصًا لله لنهضت».
1 / 70