وكان بين الأشباح دودة قذرة، تعد قطعا من الدراهم، بدون أن ينهكها التعب، فيصعد من تلك القطع النحاسية رنين مزعج مخيف!
كان شبح من هؤلاء الأشباح يزحف مضطربا تائها، ويداه المرتعشتان تتجردان من الجلد شيئا فشيئا، وقد أحاطت به أخيلة رهيبة ذات شكل وحشي.
أما هؤلاء الأشباح، فكانوا يضحكون ضحكا عاليا، فيتصاعد من بين أرديتهم الخفاقة دوي عظام يصطك بعضها على بعض، وتنفذ من محاجرهم المجوفة أشعة حمراء جهنمية.
كانوا يسيرون ببطء على الحضيض، وفريد يتبعهم بسكون وتيهان! فمروا خلال المجاري المتحدرة من أعالي الذرى، واجتازوا اللجج العميقة والسهول الرحبة، فكانت السيول والجداول تجف عند مرورهم، وتيبس الأعشاب، وتجمد الشجر بعد أن تعرى من أوراقها! لقد كانوا مندفعين في جولان لا نهاية له ولا قرار ...
بعد فترة انقضت صاعقة هائلة عقبها بروق أنارت الجبل بلمعانها الغريب، عند هذا توقف التطواف الجهنمي، فأبصر فريد بحيرة سوداء ذات مياه وبائية قامت على جوانبها عمد من الصخور الضخمة، وفي طرف هذه البحيرة حجارة ترتفع فوق قبر أسود، وقف على أحدها شبح متوج.
كانت طائفة من البشر أو من الحيوانات - لا أدري - جاثية على جوانب تلك الحجرة، وقد فغرت أشداقا مخيفة تطاير منها شعلات خضراء أنارت مطارح الجبل.
وكانت سحائب من الأشباح المجنحة تتطاير في مذاهب الفضاء، فوق كوم من السمندر والضفادع المدملة والحراذين المنتفخة ، تدب على الأرض بكل ما فيها من السموم.
أما الشبح التائه، الذي كان يرتعش ارتعاش الأوراق، فصعد إلى حجر عال كأنه كرسي قضاء، وانتصبت تحته الأشباح ذات التيجان الحديدية، وأما الدودة، فقد بقيت تعد قطع الدراهم بدون أن تعي، فيتصاعد منها رنين رهيب.
في تلك الساعة المخيفة صرخت الأشباح والديدان والخلائق ذات الحناجر المفغورة والأفاعي السامة قائلة: يوداص! يوداص! يوداص! ...
عند هذا رمت الدودة الرهيبة، التي أطلق عليها اسم يوداص تلك القطع الفضية من يديها الجشعتين؛ ثم انحنت لتلتقط غنيمتها، وإذا بالأصوات الجهنمية تنطلق صارخة: يوداص! يوداص! يوداص!
Bilinmeyen sayfa