وربما سألوا في قوله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) وذلك يدل على أنه يخصهم بهذا الفضل؛ وذلك يوجب أن، فضلهم من قبل الله تعالى. وجوابنا ان المراد أنه اصطفاهم بالنبوة والرسالة وذلك لا يكون الا من قبله تعالى وان كان جل وعز لا يختارهم إلا لأمور كثيرة كانت من قبلهم وتكون أيضا من قبلهم فيما بعد.
وربما أورد ذلك من يقول ان الانبياء أفضل من الملائكة. وجوابنا أن المراد بذلك اصطفاهم بالرسالة على عالمي زمانهم، وذلك لا يتأتى في الملائكة لأن الملائكة كلها رسل على ما ذكره الله تعالى. واختلفوا في العالمين فقال بعضهم يدخل فيه كل الخلق وقال بعضهم العقلاء ومن هو من جنسهم، وقال بعضهم الناس دون غيرهم لانهم الذين يظهر فيهم الجمع والتفريق ولذلك يقول القائل جاء في عالم من الناس ولا يقول جاء في عالم من البقر وكل ذلك يزيل هذه الشبهة خصوصا وقد ثبت بآيات كثيرة أن الملائكة أفضل كما ثبت أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل فكما لا يمكن في هذه الآية أن يقال ان هؤلاء الانبياء أفضل من رسولنا صلى الله عليه وسلم فكذلك ما ذكرناه في الملائكة.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك) انه يدل على أنه جعلها صالحة لانها لم تكن نبية.
وجوابنا أنه تعالى خصها بولادة عيسى عليه السلام من بين سائر الانبياء وذلك من قبل تعبدها.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا) كيف يصح تحرير ما في البطن.
وجوابنا ان المراد بذلك أنها نذرت أن يكون ما في بطنها مسلما لله تعالى ذكرا كان أو انثى موفرا على عبادة الله تعالى. وقد كان مثل ذلك من عبادات ذلك الزمان فلذلك قال تعالى (فتقبل مني) ولذلك قال (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا) وكل ذلك لما في المعلوم من أمر عيسى عليه السلام.
[مسألة]
Sayfa 64