فأما قوله تعالى (بيدك الخير) فالمراد انه لا وصول الى الخير الا بالله تعالى وعلى هذا الوجه نقول في الطاعات إنها من الله لما كان المطيع لا يصل الى فعلها الا بأمور من قبله وقصده بتلك الامور أن يفعل الطاعة فينال الثواب ولذلك قال تعالى بعده (تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) فذكر ما هو كالاصول لمنافع الخلق وسائر ما يصلون به الى الملك وغيره.
[مسألة]
وربما قيل في قوله (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) كيف يصح ذلك ومعلوم من حال كثير أنهم يتخذونهم أولياء. وجوابنا ان ذلك بمعنى النهي ولذلك قال بعده (ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء) فان قيل فما المراد بهذه الولاية.
فجوابنا انها الولاية الراجعة الى الدين دون ما يتصل بأمور الدنيا، لان للمؤمن معاملة الكافر ومعاوضته ومعاشرته في الاكل وغيره وانما يحرم عليه ان يتولاه في باب الدين بالمدح وبالذب عنه فيما يتصل بالدين.
[مسألة]
وربما قيل ما معنى قوله (ويحذركم الله نفسه) ان المحذر غير المحذر منه فكيف يصح ذلك. وجوابنا انه تعالى يذكر نفسه على وجه التأكيد وطريقة اللغة تشهد بذلك والمراد بذلك التحذير من عقوبته ليتوق المرء من المعصية لاجل ذلك، وذلك معقول في الشاهد لان الوالد قد يقول لولده وقد نهاه عن العقوق وغيره، وأنا أحذرك نفسي فاتق الله فيما تأتي وتدبر ويعني بذلك المجازاة والتأديب ولذلك قال بعده (والله رؤف بالعباد) لأن من جملة الرأفة هذا التحذير الذي هو طريق الثواب وزوال العقاب.
[مسألة]
Sayfa 63