بسم الله الرحمن الرحيم
التنبيهات على ما في نوادر أبي زياد
الكلابي الأعرابي ﵀ وإنما بدأنا بها لشرف قدرها، وسمو ذكرها، ونباهة مصنفها، وهو أبو زياد يزيد بن عبد الله بن الحر بن همام بن دهر بن ربيعة بن عمرو بن نفاثة بن عبد الله بن كلاب بن عامر بن صعصعة.
١ - أنشد أبو زياد:
إني إذا ما القوم كانوا ألوية ... والتبسَ القوم التباسَ الأروية
وفسر فقال: يقول قد خَفّوا وهُزلوا وجهدوا حق صار أحدهم كأنه أخف من لواء.
والأروية: الحبال واحدها الرِّواء. باقي هذا قول أبي زياد.
وقد غيّر الرواية وأساء في التفسير، وألحق فيه من عنده أخف، واللواء ليس بخفيف، واللواء: علم الجيش، قالت الأخيلية: ومخرّقٍ عنه القميص تخاله وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رُفع اللواءُ رأيته ... تحت اللواء على الخميسِ زعيما
وإنما رواية الرجز كما أنشدنيه أبو بكر محمد بن الحسين بن يعقوب بن مِقْسم عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
إني إذا ما القوم كانوا أنجيهْ ... والتبس القومُ التباسَ الأرشيهْ
وشدَّ فوق بعضهم بالأرويهْ ... هناك أوصيني ولا تُوصي بيه
فهذه الرواية الصحيحة، والأنجية: جمع نجيّ، وهو من قول الله ﷿: (فلما استيأسوا منه خَلصُوا نَجيًَّا) .
وقال أبو رياش:) يقال للاثنين يتناجيان نجي والجمع أنجية، وأنشد:
بتُّ وبات الهمُّ لي نَجيّامُباشِرًا ولم أبتْ قَصيّا مثلَ النجيّ استبرز النجيّا
وأنشد:
إني إذا ما القوم كانوا أنجية
وقال ابن الأعرابي: الأنجية: القوم يتناجون، واحدهم: نجي، وأنشد:
ظلّ وظلّت عُصَبًا نحيّا ... مثل النجيّ استبرز النجيّا
نحيّا: بعضها مُتنحٍّ عن بعض.
وأخبرني أبو الفرج عبد الواحد بن محمد الإصبهاني عن أبي اسحق إبراهيم بن السري الزجاج في قوله تعالى: (فلمّا استيأسوا منه خَلَصُوا نجيًّا) . المعنى: خلصوا يتناجون فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم وليس معهم أخوهم، ونجيّ: لفظه لفظ واحد في معنى جميع، ويجوز: قوم نجيّ وقوم نَجْوى وأنجية.
قال الراجز:
إني إذا ما القوم كانوا أنجية ... واختلف القول اختلاف الأرشية
قال: ومعنى خلصوا: انفردوا وليس معهم أحد.
ورواية ثعلب: واختلف القوم.. وهي أشهر الروايتين. ورواية الزجاج: واختلف القول والمعنى واحد. وما اختلفا في اختلاف الأرشية وهو المعنى الصحيح وهو أشبه من رواية أبي زياد: اختلاف الأروية، بل هو الصحيح.
٢ - وقال أبو زياد وقد أنشد لجميل:
تُماشين ذا الأرطى فلما قطعنه ... لخَرقٍ أمقِّ الشاطئين بَطينِ
الخرق: والجمع خروق ما استوى من الأرض واتسع، والأمَقّ: البعيد، وقد يقال للرجل والمرأة إذا كان طويلين: أمق ومقاء ولا أعرفه في الدواب، ولم أسمع أحدا يسميه.
فقوله: ولا أعرفه في الدواب، ولم أسمع أحدا يسميه يخيّل إلى سامعه أنه لا يقال. وقد قيل: روى جماعة من الرواة: أن امرأة من العرب سألت فلّ جيش عن أبيها، فقيل لها: ما كان راكبًا؟ فقالت: شقّاء مقّاء طويلة الأنقاء. فقيل لها: نجا أبوك..
وأنشد مؤرّج:
من كل مقّاءٍ وطِرْفٍ هيكلِ
وأخبرني أبو روق الهزاني عن العباس بن الفرج الرِّياشي قال: قال الأصمعي: قيل لضرار بن عمرو ما رأينا بني أبي أضبط لمسافة الإبل من بنيك، فقال: إني كنت أُكره نفسي على كل مقاء مُهرّشة الفخذين. قال الرياشي: أراد قلّة لحمها، والمقاء: الطويلة.
قال الرياشي، ورواه غير الأصمعي: لإكراهي نفسي على المق الطِّوال.
وقد جاء أيضًا في الكلاب. قال العجاج:
آنس سوّاس الكلاب مشقا ... صقبًا حَنْبطى أو طِوالًا رشْقا
......خمسًا ضاريات مُقّا
٣ - وأنشد أبو زياد للأعور بن براء الكلابي:
دعيني ابنة الكعبي والمجد والعلى ... وراعي صوارًا بالمدينة أحْسَبا
وقال: الأحسب في لونه، والصوار: جمع بقر الوحش، وأنشد:
كأنَّ هِجانها متأبضاتٌ ... وفي الأقران أصورةُ الرُّعامِ
1 / 1