رواه ابن شهاب ١، عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، كلهم عن عائشة ﵂، القصة بطولها، وهي في الصحيحين ٢، وسائر الكتب، ولا يلتئم الجمع بينهما، وكذلك رواية أبي أسامة ٣ عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، قريبة من رواية الزهري، وقد أخرجاه ٤ أيضا، وتباين طريق مسروق هذه (وقال:) ٥ كنت مهما أستغرب هذا السياق، لا أعرف له علة، إلى أن ظفرت للحافظ أبي بكر الخطيب بكلام عليه ٦، تبين أنه مرسل ٧، لأن أم رومان ﵂ توفيت في ذي الحجة سنة ست من الهجرة ٨، بعد قضية الإفك، بأشهر قليلة، قال ذلك الزبير بن بكار، والواقدي، وأبو حسان الرمادي ٩، وإبراهيم الحربي١٠
_________
١ محمد بن مسلم الزهري.
٢ خ ٥/٥٥-٦٠، م ٤/٢١٢٩.
٣ حماد بن أسامة.
٤ خ ٤/١١ معلقا عن أبي أسامة. م ٤/٢١٣٧.
٥ هكذا في الأصل، ولا أظنها إلا زائدة.
٦ قال: "لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين، ومسروق لم يدرك أم رومان - في نظر الخطيب - وكان يرسل هذا الحديث عنها، ويقول: "سئلت أم رومان" فوهم حصين فيه، حيث جعل السائل لها مسروق - هذا احتمال -.
والثاني: أو يكون بعض النقلة كتب (سئلت) بألف، فصارت (سألت) فقرأت بفتحتين - فيكون السائل لها مسروق - وهو خطأ في نظر الخطيب ﵀.
قال الحافظ: "وعمدته - يعني الخطيب - في دعوى الوهم الاعتماد على قول من قال: إن أم رومان ماتت في حياة النبي ﷺ سنة أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست، وهو شيء ذكره الواقدي وذكر زبير بن بكار، وبسند منقطع فيه ضعف" (الفتح ٧/٤٣٨) .
قلت: والأمران مردودان؛ فإن البخاري ﵀ لم يكن غافلا عن هذا، فإنه قال في قضية تاريخ الوفاة - بالنسبة لأم رومان -: فيه نظر، وحديث مسروق أسند. (التاريخ الصغير ٢٢) .
ويؤيد قول البخاري هذا أن إبراهيم الحربي جزم بأن مسروقا سمع من أم رومان، وله خمس عشرة سنة، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر، لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة، ويؤيد تأخر موت أم رومان أن الرسول ﷺ لما نزلت آية التخيير - وكان نزولها سنة تسع بالاتفاق- قال لعائشة: "إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك، أبي بكر وأم رومان" المسند (٦/١٢٧١١)، وانظر الفتح (٧/٤٣٨) .
ومما يؤيد تأخر موتها: قول عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر: "وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم" (خ ٤/١٧٢)، وإنما هاجر عبد الرحمن بعد الحديبية سنة سبع، في قول ابن سعد وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها، لأنه روي أن عبد الرحمن خرج في مائة من قريش قبل الفتح إلى النبي ﷺ، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه. (الفتح ٧/٤٣٨) .
٧ اعتمادا على قول الخطيب، وتقدمت أدلة نقضه.
٨ نقلا عن الواقدي، والزبير، وقاله ابن سعد (الطبقات ٨/٢٧٦) . وتقدمت دلائل نقضه.
٩ قلت: لم ينتبهوا إلى قضية التخيير، وكانت في السنة التاسعة بالاتفاق ولا إلى هجرة عبد الرحمن بن أبي بكر، وقضية ضيافته هو وأمه وامرأته وكانت بعد سنة سبع. (هدي الساري ٣٧٣) .
١٠ بل جزم إبراهيم أن مسروقًا سمع منها في خلافة عمر. (هدي الساري ٣٧٣) .
1 / 55