للفاسقين، وتقوية لقلوب المؤمنين، ومواساة للصابرين في دين الله تعالى، إذ لو فعل الناس كلهم كما فعلوا وأجمعوا على الإنكار على الظالم لما وسعه أن يتصدى وحده لقتل الرعية أجمعين.
تنبيه:
الداخل على الأمراء والسلطان لقصد الإنكار والموعظة يجب أن يكون قصده في ذلك خالصًا لله تعالى، فإن قد يقدم على هذا وإنما قصده أن يكون كلامه سببًا لتعرفه بالسلطان وطلب المنزلة عنده، أو يكون قصده طلب المحمدة من الناس وإطلاق ألسنتهم بالثناء عليه، والشكر لصنيعه وتعمير قلوبهم بتوقيره عندهم وتعظيمه، وأن يقال عنه إنه أغلظ للسلطان وأقدم عليه بالكلام ولم يبال فيصير معظمًا عند الناس، ويخشاه أبناء جنسه إلى غير ذلك من المقاصد التي لا تنحصر لتنوع الأغراض، وهذه مزلة عظيمة يجب التفطن لها، والتنبه عليها، وتحقيق القصد قبل الوقوع فيها، وإلا فربما ناله مكروه في الدنيا وهو فيه غير مأجور، / بل آثم مأزور، وربما أفضى ذلك إلى قتله فقتل عاصيًا، وهو يظن أنه أفضل الشهداء وإنما يبعث الناس يوم القيامة على نياتهم.
وقد قال النبي ﷺ لعبد الله بن عمرو: «يا عبد الله بن عمرو إن قاتلت صابرًا صابرًا محتسبًا بعثك الله صابرًا محتسبًا، وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك الله مرائيًا مكاثرا».
وقال أبو سليمان الداراني - رحمه الله تعالى -: سمعت بعض الخلفاء يقول كلامًا فأردت أن أنكر عليه وعلمت أني أقتل ولم يمنعني القتل ولكن كان في ملأ من الناس فخشيت أن يعتريني التزين للناس فأقتل من غير إخلاص في الفعل.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ﵁ قال: سمعت رسول
1 / 74