قال: فقيل للحجاج: إنه في آخر رمق.
قال: أخرجوه فارموا به في السوق.
قال جعفر: فأتيته أنا وصاحب لي فقلنا له: يا حطيط، ألك حاجة؟ .
قال: شربة ماء.
فأتوه بشربة ثم مات، وكان ابن ثمانية عشر سنة رحمه الله تعالى.
- وروى أبو العباس الهاشمي عن الحارث المحاسبي قال: كنت ليلة قاعدًا في محرابي وإذا أنا بفتي حسن الوجه طيب الرائحة، فسلم عليّ ثم قعد بين يدي فقلت له من أنت؟ فقال: أنا واحد من السائحين أقصد المتعبدين في محاريبهم ولا أرى لك اجتهادًا فأي شيء عملك؟ قال: قلت له كتمان المصائب واستجلاب الفوائد قال: فصاح وقال: ما علمت أن أحدًا بين جنبتي المشرق والمغرب هذه صفته. قال الحارث: فأردت أن أزيد عليه فقامت له: أما علمت أن أهل القلوب يحملون أحوالهم ويكتمون أسرارهم ويسألون الله ﷿ كتمان ذلك عليهم فمن أين تعرفهم؟ قال: فصح صيحة غشي عليه فمكث عندي يومين لا يعقل ثم أفاق وقد أحدث في ثيابه فعلمت زوال عقله فأخرجت له ثوبًا جديدًا وقلت له هذا كفني وقد آثرتك به فاغتسل وأعد صلاتك قال: هات الماء فاغتسل وصلى ثم التحف في الثوب وخرج فقلت له: إلى أين تريد؟ فقال لي: قم فلم يزل يمشي حتى دخل على المأمون أمير المؤمنين فسلم عليه ثم قال له يا ظالم وأنا ظالم إن لم أقل لك يا ظالم استغفر الله من تقصيري فيك أما تتقي الله فيما قد ملكك الله، وتكلم بكلام ثم أقبل يريد الخروج وأنا جالس بالباب فأقبل عليه المأمون وقال من أنت؟ قال: أنا رجل من السائحين فكرت فيما عمل الصديقون قبلي فلم أجد لنفسي فيه حظًا فتعلقت بموعظتك لعلي ألحقهم قال: فأمر بضرب عنقه وأخرج وأنا قاعد على الباب ملفوف في ذلك الثوب ومناد ينادي من ولي هذا فليأخذه قال الحارث: / فانتبذت عنه فأخذه أقوام غربًا فدفنوه وكنت معهم لأعلمهم بحاله فأقمت في مسجد المقابر محزونًا على الفتى عيناي فنمت فإذا هو
1 / 70