فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم، ولا تغلق بابك دونهم، فقال له: أفعل. ثم نهض وقام فقبض عليه عبد الملك، فقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حاجة لغيرك، وقد قضيناها فما حاجتك؟ فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج. فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك الشرف.
- وحكي أن المهدي أمير المؤمنين لما قدم مكة لبث ما شاء الله، فلما أخذ في الطواف نحي الناس عن البيت، فوثب عبد الله بن مرزوق فلبّبه بردائه ثم هزّه، وقال له: انظر ما تصنع، مَنْ جعلك بهذا البيت أحق ممن أتاه من البعد حتى إذا صار عنده حلت بينه وبينه، من جعل / لك هذا؟ فنظر في وجهه وكان يعرفه لأنه من مواليهم فقال: عبد الله بن مرزوق قال: نعم، فأخذ وجيء به إلى بغداد فكره أن يعاقبه عقوبة يشنع عليه بها في العامة فجعله في اصطبل الدواب ليسوس الدواب، وضموا إليه فرسًا عضوضًا سيء الخلق ليعقره الفرس فليّن الله - تعالى - له الفرس، ثم صيروه إلى بيت فأغلق عليه، فأخذ المهدي المفتاح عنده، فإذا هو قد خرج بعد ثلاث إلى البستان يأكل البقل فأذن به المهدي فقال: من أخرجك؟ قال: الذي حبسني. قال: فمن حبسك؟ قال الذي أخرجني. قال: فضج المهدي، وصاح: ما أخلق بنا أن نقتلك فرفع إليه عبد الله رأسه - وهو يضحك - ويقول: لو كنت تملك حياتًا أو موتًا. قال: فما زال محبوسًا حتى مات المهدي، ثم خلوا عنه ثم رجع إلى مكة، وكان قد جعل على نفسه نذرًا إن خلصه الله - تعالى - من أيديهم أن ينحر مائة بدنة، فكان يعمل في ذلك حتى نحر مائة بدنة.
- وروي عن عبد الجبار بن عبد الله قال تنزه هارون الرشيد بالدروق، ومعه سليمان بن أبي جعفر، فقال له هارون: قد كانت لك جارية تغني فتحسن فجئنا بها، فجاءت فغنت فلم تحسن الغناء. فقال لها: ما شأنك؟ قالت: ليس هذا عودي. فقال للخادم: جئها بعودها. فقال: فجاء بالعود، فوافق شيخًا يلقط النوى فقال: الطريق يا شيخ فرفع الشيخ رأسه فرأى العود، فأخذه فضرب به الأرض، فأخذ الخادم وذهب به إلى صاحب الربع، فقال: احتفظ بهذا فإنه
1 / 64