وبين أسماء العلماء الآخرين الذين ساهموا مساهمة جعلت معجمي هذا جديرا برضا المثقفين من القراء يظهر اسم دى غويه ظهورا نادرا أقل مما هو حقيق به. لقد أراد صديقي الجليل ذلك، فهو يؤمن بالمثل السائر «خير المنيحة الخفية» فأحب أن يساعدني خفية، غير أن الحق يحملني على القول إن صداقتنا التي توثقت عراها منذ سنين طويلة واستطعت في خلالها أن أقدر له سعة علمه وكرم خلقه كان لها أفضل الآثار وأكثرها جدوى في هذا الكتاب، فإن كثيرًا من مواده لم تطبع إلا بعد نقاش طويل بيني وبينه، كما إنه قدم إلي كثيرا من النصوص، وخصوصا من كتاب ياقوت وكتاب الأغاني طبعة بولاق.
وقبل أن أنتهي من هذه المقدمة لابد لي من التنبيه إلى بعض الأمور.
إنني لم أقبل من الكلمات الأعجمية إلا التي عربها العرب وتكلموا بها، ولذلك فقد أقصيت عن معجمي كثيرا من الكلمات اليونانية التي ذكرها ابن البيطار وغيره، كما أقصيت عنه الكلمات التي يذكرها الرحالة وينسبونها إلى لغات مختلفة وأخص بالذكر ابن بطوطة منهم. وأرى أني قد أحسنت في ذلك صنعا. فحين يذكر رحالة فرنسي مثلا أن الألمان يسمون النجار (Zimmermann) فليس يخطر في بال أحد أن يدخل هذه الكلمة في معجم فرنسي، لقد كان علي أن أنبه إلى ذلك لئلا أكون هدفا للومة لائم متجن. غير أني أعترف أن تمييز مثل هذه الكلمات ليس بالأمر اليسير، فربما أهملت كلمات كان لها أن لا تهمل، وأثبت أخرى كان لابد لها أن تغفل، على أن تقدم العلم سينير لنا سبيل ذلك.
وقد أشرت إلى أصول الكلمات الأعجمية إذا ما تيسرت لي معرفتها، فدراسة أصول الكلمات دراسة مستقلة لم أستطع أن أعنى بها العناية التي أرغب فيها. والذي يخفف عني الأسى في ذلك أنني وجدت معاجم اللغة الفصحى التي تحوي كثيرا من الكلمات الأعجمية الأصل لا تشير إلا إلى أصول قليل منها.
وأجرأ أن أقول إن معجمي غني بأسماء النبات، غير أني، على الرغم من استعانتي بكتاب دودونوس القديم، ولجوئي إلى توضيحات زودني بها، حينا بعد حين، عالم نباتي شاب اشتهر بعلمه هو الدكتور ترويب، أقول على الرغم من هذا فإني لا أستطيع أن أزعم أني قد تجنبت الخطأ فيها، لأن المشارقة أنفسهم كثيرا ما خلطوا بين النباتات المختلفة، فهم قد أطلقوا في أقطارهم المتباعدة نفس الاسم على نباتات لا علاقة بينها، وإذا لم يدرس المرء علم النبات فمن الصعب، بل من المستحيل أحيانا، أن يعرفها ويصحح الخطأ منها.
ولا ينبغي أن يتوقع المرء من مصنف مثل مصنفي هذا أن تراعى فيه قواعد العربية دائما، فان كثيرا من صيغ الكلمات (مثل تصغير الاسم الرباعي المقصور الذي ينتهي بالألف وليس بالياء في المعاجم الأسبانية) وكثيرا من العبارات أيضا من لغة العامة أو شبيهة بها. وقد أثبتها كما هي، فان في تغييرها استغراقًا في الفصحى.
1 / 27