قال ابن عباس: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو قالوا ذلك ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات "
فلما لم يقولوا ذلك أنزل الله عز وجل قوله تعالى: { ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم }؛ أي أسلفت من المعاصي وكتمان صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: { أبدا } يعني هي مدة العمر. وأما بعد ذلك فإنهم يتمنونه في الآخرة وقت مشاهدة العذاب. وإنما أضاف إلى الأيدي؛ لأن أكثر المعاصي تكون باليد. { والله عليم بالظالمين }.
[2.96]
قوله تعالى: { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة }؛ اللام لام القسم؛ والنون توكيد القسم، تقديره: والله لتجدنهم يا محمد - يعني اليهود -. ومعنى الآية: لتعلمن اليهود أحرص الناس على البقاء. وفي مصحف أبي: (على الحياة). قوله تعالى: { ومن الذين أشركوا }؛ قيل: إنه متصل بالكلام الأول؛ معناه: وأحرص من الذين أشركوا. قال الفراء: (وهذا كما يقال: هو أسخى الناس ومن حاتم؛ أي وأسخى من حاتم). وقيل:هو ابتداء؛ وتمام الكلام عند قوله: { حياة }. ثم ابتدأ بواو الاستئناف وأضمر { يود } اسما تقديره: ومن الذين أشركوا قوم، { يود أحدهم }. وقيل: معناه: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة وأحرص من الذين أشركوا؛ وأراد بالذين أشركوا المجوس ومن لا يؤمن بالبعث. وقوله: { لو يعمر ألف سنة }؛ أي أن يعمر. قوله تعالى: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر }؛ أي وما أحدهم بمباعده من العذاب تعميره، ولا التعمير بمباعده من العذاب. { والله بصير بما يعملون }؛ تمام الآية مفسر.
[2.97-99]
قوله عز وجل: { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله } ، قال ابن عباس:
" إن حبرا من الأحبار عالما من علماء اليهود، يقال له ابن صوريا، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف نومك؟ فإنا نعرف نوم النبي الذي يجتبى في آخر الزمان، قال: " تنام عيناي وقلبي يقظان " قال: صدقت. فأخبرنا عن الولد أمن الرجل أم من المرأة؟ قال: " أما العظم والعصب والعروق فمن الرجل؛ وأما اللحم والدم والظفر والشعر فمن المرأة ". قال: صدقت. فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه شبه من أخواله، ويشبه أخواله ليس فيه شبه من أعمامه؟ فقال: " أيهما علا ماؤه على ماء صاحبه كان الشبه له " قال: صدقت. بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك واتبعتك! أي ملك يأتيك بالوحي؟ قال: " جبريل " قال: ذاك عدونا. ينزل بالقتال والشدة ورسولنا ميكائيل ينزل بالسرور والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك وصدقناك. فقال: عمر رضي الله عنه: إشهدوا أن من كان عدوا لجبريل فإنه عدو لميكائيل. فقال: لا نقولن هذا "
فأنزل الله هذه الآية.
وقال مقاتل: إن اليهود قالت: إن جبريل عدونا أمر أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا. وقال قتادة وعكرمة والسدي: كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة؛ ممرها على مدارس اليهود، وكان عمر إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم ويكلمهم، فقالوا: يا عمر ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك؛ إنهم يمرون بنا فيؤذوننا وأنت لا تؤذينا وإنا لنطمع فيك! فقال عمر رضي الله عنه: (ما أحببتكم كحبكم إياي ولا أسألكم إني شاك في ديني، وإنما أدخل إليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم). فقالوا: من صاحب محمد الذي يأتيه من الملائكة؟ قال: (جبريل) قالوا: ذاك عدونا يطلع محمدا على سرنا وهو صاحب كل عذاب وخسف وشدة؛ وإن ميكائيل إذا جاء؛ جاء بالخصب والسلامة. فقال عمر: (تعرفون جبريل وتنكرون محمدا صلى الله عليه وسلم!) قالوا: نعم، فقال عمر رضي الله عنه: (أنا أشهد أن من كان عدوا لجبريل فهو عدو لميكائيل؛ ومن كان عدوا لهما فالله عدو له). ثم رجع عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد جبريل قد سبقه بالوحي؛ فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات. وقال: [لقد وافقك ربك يا عمر]. فقال عمر رضي الله عنه: (لقد رأيتني في دين الله بعد ذلك أصلب من الحجر).
Bilinmeyen sayfa