Tefsir Bahr Muhit
البحر المحيط في التفسير
Araştırmacı
صدقي محمد جميل
Yayıncı
دار الفكر
Baskı Numarası
١٤٢٠ هـ
Yayın Yeri
بيروت
الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا إِلَى مَنَافِعِهَا، أَوِ الدُّعَاءُ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ أَيْ دَاعٍ وَالْأَصْلُ فِي هَدَى أَنْ يَصِلَ إِلَى ثَانِي مَعْمُولِهِ بِاللَّامِ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ «١»
أَوْ إِلَى لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «٢»
ثُمَّ يَتَّسِعُ فِيهِ فَيُعَدَّى إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ، وَمِنْهُ اهْدِنَا الصِّراطَ، وَنَا ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ مُعْظَمُ نَفْسِهِ. وَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ وَنَصْبٍ وَجَرٍّ.
الصِّراطَ الطَّرِيقَ، وَأَصْلُهُ بِالسِّينِ مِنَ السَّرْطِ، وَهُوَ اللَّقْمُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الطَّرِيقُ لَقْمًا، وَبِالسِّينِ عَلَى الْأَصْلِ قرأ قبل وَرُوَيْسٌ، وَإِبْدَالُ سِينِهِ صَادًا هِيَ الْفُصْحَى، وَهِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَبِهَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ، وَبِهَا كُتِبَتْ فِي الْإِمَامِ، وَزَايًا لُغَةٌ رَوَاهَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَإِشْمَامُهَا زَايًا لُغَةُ قَيْسٍ وَبِهِ قَرَأَ حَمْزَةُ بِخِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ عَنْ رُوَاتِهِ. وَقَالَ أَبُو علي:
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، السين وَالصَّادُ وَالْمُضَارَعَةُ بَيْنَ الزَّايِ وَالصَّادِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ الْعُرْيَانُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، وَرَوَى الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَهَا بِزَايٍ خَالِصَةٍ. قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ:
مَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِيُّ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ خَطَأٌ مِنْهُ إِنَّمَا سَمِعَ أَبَا عَمْرٍو يَقْرَؤُهَا بِالْمُضَارَعَةِ فَتَوَهَّمَهَا زَايًا، وَلَمْ يَكُنِ الْأَصْمَعِيُّ نَحْوِيًّا فَيُؤْمَنَ عَلَى هَذَا. وَحَكَى هَذَا الْكَلَامَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِيَّةِ: الصِّرَاطُ بِالصَّادِ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ، وَعَامَّةُ الْعَرَبِ يَجْعَلُونَهَا سِينًا، وَالزَّايُ لُغَةٌ لِعُذْرَةَ، وَكَعْبٍ، وَبَنِي الْقَيْنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ بَيْنَ الزَّايِ وَالصَّادِ تَكَلُّفُ حَرْفٍ بَيْنَ حَرْفَيْنِ، وَذَلِكَ صَعْبٌ عَلَى اللِّسَانِ، وَلَيْسَ بِحَرْفٍ يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَلَا هُوَ مِنْ حروف المعجم. لست أَدْفَعُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ، إِلَّا أَنَّ الصَّادَ أَفْصَحُ وَأَوْسَعُ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَتَذْكِيرُهُ أَكْثَرُ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ: أَهْلُ الْحِجَازِ يُؤَنِّثُونَ الصِّرَاطَ كَالطَّرِيقِ، وَالسَّبِيلِ وَالزُّقَاقِ وَالسُّوقِ، وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ هَذَا كُلَّهُ وَيُجْمَعُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى سُرُطٍ، نَحْوِ كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَفِي الْقِلَّةِ قِيَاسُهُ أَسْرِطَةٌ، نَحْوُ حِمَارٍ وَأَحْمِرَةٍ، هَذَا إِذَا كَانَ الصِّرَاطُ مُذَكَّرًا، وَأَمَّا إِذَا أُنِّثَ فَقِيَاسُهُ أَفْعُلٌ نَحْوُ ذِرَاعٍ وَأَذْرُعٍ وَشِمَالٍ وَأَشْمُلٍ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالضَّحَّاكُ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ: اهْدِنَا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، بِالتَّنْوِينِ مِنْ غَيْرِ لَامِ التَّعْرِيفِ، كَقَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ اللَّهِ «٣» .
الْمُسْتَقِيمَ، اسْتَقَامَ: اسْتَفْعَلَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ مِنَ الزَّوَائِدِ، وهذا أحد معاني
(١) سورة الإسراء: ١٧/ ٩. (٢) سورة الشورى: ٤٢/ ٥٢. (٣) سورة الشورى: ٤٢/ ٥٢- ٥٣.
1 / 45