41

Tefsir Bahr Muhit

البحر المحيط في التفسير

Araştırmacı

صدقي محمد جميل

Yayıncı

دار الفكر

Baskı Numarası

١٤٢٠ هـ

Yayın Yeri

بيروت

وَإِلَى قَوْلِ أَبِي كَثِيرٍ الْهُذَلِيِّ: يَا لَهْفَ نَفْسِيَ كان جلدة خَالِدٍ ... وَبَيَاضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الْأَعْفَرِ وَفُسِّرَتِ الْعِبَادَةُ فِي إِيَّاكَ نَعْبُدُ بِأَنَّهَا التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ، وَهُوَ أَصْلُ مَوْضُوعِ اللُّغَةِ أَوِ الطَّاعَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ «١»، أَوِ التَّقَرُّبُ بِالطَّاعَةِ أَوِ الدُّعَاءِ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي، أَيْ عَنْ دُعَائِي، أَوِ التَّوْحِيدِ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أَيْ لِيُوَحِّدُونِ، وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى. وَقُرِنَتِ الِاسْتِعَانَةُ بِالْعِبَادَةِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيْنَ مَا يَطْلُبُهُ مِنْ جِهَتِهِ. وَقُدِّمَتِ الْعِبَادَةُ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ لِتَقْدِيمِ الْوَسِيلَةِ قَبْلَ طَلَبِ الْحَاجَةِ لِتَحْصُلَ الْإِجَابَةُ إِلَيْهَا، وَأَطْلَقَ الْعِبَادَةَ وَالِاسْتِعَانَةَ لِتَتَنَاوَلَ كُلَّ مَعْبُودٍ بِهِ وَكُلَّ مُسْتَعَانٍ عَلَيْهِ. وَكَرَّرَ إِيَّاكَ لِيَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ سِيقَا فِي جُمْلَتَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَقْصُودَةٌ، وَلِلتَّنْصِيصِ عَلَى طَلَبِ الْعَوْنِ مِنْهُ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَنَسْتَعِينُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا بِطَلَبِ لعون، أَيْ وَلِيَطْلُبَ الْعَوْنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ مِمَّنْ يَطْلُبُ.. وَنُقِلَ عَنِ الْمُنْتَمِينَ لِلصَّلَاحِ تَقْيِيدَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ، كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي قَوْلِهِ: نَعْبُدُ قَالُوا رَدٌّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ، وَفِي نَسْتَعِينُ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَمَقَامُ الْعِبَادَةِ شَرِيفٌ، وَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ فِي مَوَاضِعَ، قَالَ تَعَالَى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ «٢» اعْبُدُوا رَبَّكُمُ «٣»، والكناية به عَنْ أَشْرَفِ الْمَخْلُوقِينَ ﷺ. قَالَ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ «٤» ، وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا «٥» ، وَقَالَ تَعَالَى، حِكَايَةً عَنْ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ «٦» ، وَقَالَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي «٧» فَذَكَرَ الْعِبَادَةَ عَقِيبَ التَّوْحِيدِ، لِأَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْعِبَادَةُ فَرْعُهُ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ: إِيَّاكَ. رَدٌّ عَلَى الدَّهْرِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالْمُنْكِرِينَ لِوُجُودِ الصَّانِعِ، فَإِنَّهُ خِطَابٌ لِمَوْجُودٍ حَاضِرٍ. اهْدِنَا، الْهِدَايَةُ: الْإِرْشَادُ وَالدَّلَالَةُ وَالتَّقَدُّمُ وَمِنْهُ الْهَوَادِي أَوِ التَّبْيِينُ، وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ «٨» أو الإلهاء أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى «٩» ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: معناه ألهم

(١) سورة يس: ٣٦/ ٦٠. (٢) سورة الحجر: ١٥/ ٩٩. (٣) سورة البقرة: ٢/ ٢١. (٤) سورة الإسراء ١٧/ ١. (٥) سورة الأنفال: ٨/ ٤١. (٦) سوة مريم: ١٩/ ٣٠. (٧) سورة طه: ٢٠/ ١٤. (٨) سورة فصلت: ٤١/ ١٣. (٩) سورة طه: ٢٠/ ٥٠. [.....]

1 / 44