297

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٣٥ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

من فوائد الآيتين الكريمتين:
١ - أن عيسى ابن مريم قد جاء بما يصدق به التوراة؛ لقوله ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾، وقد سبق لنا أن معنى (مصدقًا) أو أن كلمة ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ كلمة ذات وجهين: الوجه الأول: أنه شاهد بصدق التوراة، وأنها حق، والثاني: أنه مطابق لما أخبرت به، وإذا جاء الشيء مطابقًا لما أخبر به، فهذا تصديق شاهد بالصدق.
٢ - جواز النسخ في الشرائع؛ لقوله: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾، وهذا نسخ، والنسخ في الشرائع ثابت منذ نوح إلى محمد ﵊، وأنكرت اليهود وجود النسخ، وقالت: لا يمكن أن ينسخ الله الحكم؛ لأن هذا يستلزم نقصًا في حق الله، فيقال لهم: ومتى وصفتم الله بالكمال -أنقصكم الله وأذلكم- ألم تقولوا: إن يد الله مغلولة؟ ألم تقولوا: إن الله فقير؟ ألم تقولوا: إن الله استراح حين خلق السموات والأرض وتعب؟ فكيف تقولون: إن النسخ يستلزم النقص على الله؟ يقولون لأنه يستلزم العلم بعد الجهل، كأن الله إذا نسخ الحكم الأول تبين له أن الصواب في الحكم الثاني، وهذا نقص.
فنقول لهم: نحن نرد عليكم بشريعتكم، قال الله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾ [آل عمران: ٩٣]، وقال: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠]، وأنتم تعتقدون أن التوراة ناسخة للكتب السابقة المنزلة على بني

1 / 299