قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ ١ ... الخلة كمال المحبة٢، وأنكرت الجهمية٣ حقيقة المحبة من الجانبين، زعمًا منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب، وأنه لا مناسبة بين القديم والمُحْدَث توجب المحبة٤.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ ٥ ... شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء٦ ... ليس إلا، وليس المراد أن يقول: أشهد على نفسي بكذا، بل من أقر بشيء فقد شهد على
_________
١ سورة النساء، الآية: ١٢٥.
٢ انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص (١٩٩)، وانظر محاسن التأويل (٢/٥٠١) .
٣ الجهمية فرقة ضالة، تُنسب إلى جهم بن صفوان السمرقندي، الضال المبتدع، قتله سلم بن أحوز المازني سنة ١٢٨؟. انظر في شأن هذه الفرقة ومؤسسها مقالات الإسلاميين، ص (٢٧٩، ٢٨٠)، والفرق بين الفرق، ص (٢١١)، والملل والنحل، ص (٨٦) .
٤ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٣٩٤) . وانظر الكشاف (١/٥٦٦) فقد أوَّل الزمخشري المحبة فقال: "مجاز عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله". وانظر نكت القرآن الدالة على البيان (١/٢٤١، ٢٤٤) تجد فيه نسبة هذا القول إلى الجهمية والرد عليه.
٥ سورة النساء، الآية: ١٣٥.
٦ انظر جامع البيان (٩/٣٠٢) فقد فسَّره الطبري بما قاله المؤلف. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٤/١٠٨٧) عن سعيد بن جبير. وبهذا فسّره غير من ذكرت، انظر مثلًا النكت والعيون (١/٥٣٥)، والوسيط (٢/١٢٦)، ومعالم التنزيل (١/٤٨٩)، والمحرر الوجيز (٤/٢٧٩)، وتفسير القرآن للسمعاني (١/٤٨٨) وذكر الرازي قولًا ثانيًا في معنى الآية، حاصله أن المراد وإن كانت الشهادة وبالًا على أنفسكم وأقاربكم وذلك أن يشهد على من يتوقع ضرره من سلطان ظالم وغيره. انظر التفسير الكبير (١١/٥٨) . قلت: والمعتمد في معنى الآية ما ذكره المؤلف.
120 / 62