رُوي عن ابن عباس ﵄: أنه قرأ: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وأنا كتبتها عليك"١. والمراد بالحسنة - هنا - النعمة، وبالسيئة البلية٢، في أصح الأقوال.
وقد قيل: الحسنة الطاعة، والسيئة المعصية٣. وقيل: الحسنة ما أصابه يوم بدر، والسيئة ما أصابه يوم أحد٤. والقول الأول شامل لمعنى القول الثالث. والمعنى الثاني ليس مرادًا دون الأول - قطعًا - ولكن لا منافاة بين أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه، مع أن الجميع مقدَّر، فإن المعصية الثانية قد تكون عقوبة الأولى، فتكون من سيئات الجزاء، مع أنها من سيئات العمل، والحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى، كما دل على ذلك الكتاب والسنة٥.
_________
١ انظر معالم التنزيل (١/٤٥٤، ٤٥٥) فهو نقل البغوي بحروفه، إلا بعض الكلمات فالمؤلف أخذه منه، أو أخذه ممن أخذه منه. وأثر ابن عباس أخرجه البغوي في معالم التنزيل ١/٤٥٥، من طريق مجاهد عن ابن عباس. وفي سنده مسلم بن خالد الزنجي فقيه صدوق كثير الأوهام. انظر التقريب الترجمة رقم (٦٦٢٥) . وأورد الأثر السيوطي في الدر المنثور (١/١٨٥)، ونسب إخراجه لابن المنذر. وأورده أيضًا عن مجاهد، قال: هي في قراءة أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، ونسب إخراجه لابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف. ولا تصح هذه الرواية؛ لأن مجاهدًا لم يدرك أبيًا ولا ابن مسعود.
٢ انظر النكت والعيون (١/٥٠٨) فقد أورد هذا القول الماوردي، ونسبه لبعض البصريين.
٣ انظر جامع البيان (٨/٥٥٩) فقد أخرجه الطبري عن أبي العالية. وذكره الماوردي في النكت والعيون (١/٥٠٩) منسوبًا لأبي العالية.
٤ أخرجه الطبري في جامع البيان (٨/٥٥٨)، من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذلك أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/١٠١٠) . وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها الماوردي كلها من غير ترجيح. انظر النكت والعيون (١/٥٠٨، ٥٠٩) .
٥ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٥١٥، ٥١٦) . وانظر الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام، ص (٢٢-٢٥) ويبدو أن المؤلف أخذ أقوال المفسرين مع ما بعد ذلك من الجمع من هذا الكتاب.
120 / 59