205

Tefsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Soruşturmacı

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Yayıncı

دار طيبة للنشر والتوزيع

Baskı

الرابعة

Yayın Yılı

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Bölgeler
Türkmenistan
İmparatorluklar
Selçuklular
﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ يَعْنِي شِرْكُهُمْ بِاللَّهِ ﷿ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ مِنْ قَتْلِكُمْ إِيَّاهُمْ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوهُمْ حَتَّى يَقْتُلُوكُمْ فَإِنْ قَتَلُوكُمْ﴾ بِغَيْرِ أَلِفٍ فِيهِنَّ مِنَ الْقَتْلِ عَلَى مَعْنَى وَلَا تَقْتُلُوا بَعْضَهُمْ، تَقُولُ الْعَرَبُ: قَتَلْنَا بَنِي فُلَانٍ وَإِنَّمَا قَتَلُوا بَعْضَهُمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ مِنَ الْقِتَالِ وَكَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَا يَحِلُّ بِدَايَتُهُمْ بِالْقِتَالِ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ صَارَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ قَوْلُهُ ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ أَيْ حَيْثُ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، صَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ فِي بَرَاءَةٌ فَهِيَ نَاسِخَةٌ مَنْسُوخَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَلَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ.
﴿كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾
﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ عَنِ الْقِتَالِ وَالْكُفْرِ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ غَفُورٌ لِمَا سَلَفَ رَحِيمٌ بِالْعِبَادِ
﴿وَقَاتِلُوهُمْ﴾ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ ﴿حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أَيْ شِرْكٌ يَعْنِي قَاتِلُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا فَلَا يُقْبَلُ مِنَ الْوَثَنِيِّ إِلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ﴾ أي الطاعة والعبادة ﴿لله﴾ وحده فلا يعبد شيء دونه.
قَالَ نَافِعٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ قَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، قَالَ: أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ ﷿ "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا" (٩-الْحُجُرَاتِ) قَالَ يَا ابْنَ أَخِي: لَأَنْ أُعَيَّرَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقَاتِلَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَيَّرَ بِالْآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ ﷿ فِيهَا "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا" (٩٣-النِّسَاءِ) قَالَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ قَالَ قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا وَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُونَهُ أَوْ يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ؟ كَانَ مُحَمَّدٌ ﷺ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ عَنِ الْكُفْرِ وَأَسْلَمُوا ﴿فَلَا عُدْوَانَ﴾ فَلَا سَبِيلَ ﴿إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى "أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ" (٢٨-الْقَصَصِ) وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: الْعُدْوَانُ الظُّلْمُ، أَيْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَلَا نَهْبَ وَلَا أَسْرَ وَلَا قَتْلَ ﴿إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ الَّذِينَ بَقُوا عَلَى الشِّرْكِ وَمَا يُفْعَلُ بِأَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا، وَسَمَّاهُ عُدْوَانًا عَلَى طَرِيقِ الْمُجَازَاةِ وَالْمُقَابَلَةِ، كَمَا قَالَ ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا" (٤٠-الشُّورَى) وَسُمِّيَ الْكَافِرُ

1 / 214