204

Tefsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Araştırmacı

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Yayıncı

دار طيبة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الرابعة

Yayın Yılı

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

رسوله الله ﷺ بِالْكَفِّ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا بِقَوْلِهِ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِهَا، وَقِيلَ نُسِخَ بِقَوْلِهِ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ آيَةً وَقَوْلُهُ ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ أي لا تبدؤهم بِالْقِتَالِ وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقِتَالِ الْمُقَاتِلِينَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ أَيْ لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَالرُّهْبَانَ وَلَا مَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سَهْلٍ الْقُهُسْتَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي تُرَابٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الطَّرَسُوسِيُّ أَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا قَالَ: "اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لَا تَغْلُوا وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا وَلِيدًا وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا" (١) وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ مَعَ أَصْحَابِهِ لِلْعُمْرَةِ وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا الْحُدَيْبِيَةَ فَصَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُخَلُّوا لَهُ مَكَّةَ عَامَ قَابِلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ لِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَخَافُوا أَنْ لَا تَفِيَ قُرَيْشٌ بِمَا قَالُوا وَأَنْ يَصُدُّوهُمْ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَكَرِهَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِتَالَهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَفِي الْحَرَمِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي مُحْرِمِينَ ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ يَعْنِي قُرَيْشًا ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ فَتَبْدَءُوا بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمِينَ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾

(١) رواه مسلم: في الجهاد - باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث ... برقم (١٧٣١) ٣ / ١٣٥٧. والمصنف في شرح السنة: ١١ / ١١.

﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ قِيلَ نُسِخَتِ الْآيَةُ الْأُولَى بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَصْلُ الثَّقَافَةِ الْحِذْقُ وَالْبَصَرُ بِالْأُمُورِ، وَمَعْنَاهُ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ بَصُرْتُمْ مُقَاتَلَتَهُمْ وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ قَتْلِهِمْ ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ كَمَا أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ

1 / 213