والثالثة فهو أن نتصور المعنى العام مثل [الحيوان] إذا تصورناه أخذناه من غير أن يوجد له معنى التضاد، لأنه جسم ذو نفس حساس متحرك بإرادة، فإن هذا المعنى ليس يؤخذ معه لا أنه ناطق ولا أنه غير ناطق، ولا مائت ولا غير مائت [....] من غير تضاد. ولأن الحيوان الموجود فى النفس هو الموجود فى الإنسان الذى هو ناطق، وفى الثور الذى هو غير ناطق، وكان الناطق وغير الناطق متضادين، ما يكون الحيوان الذى فى النفس [...] يوجد له المتضادان فى الوجود بالفعل، لأنه ليس فى الوجود حيوان بالفعل مفرد عرض له أن كان ناطقا أو غير ناطق، بل الحيوان الموجود هو إما ناطق وإما غير ناطق، بل الذى فى النفس [هو] الذى عرض له فى الوجود أن كان ناطقا أو غير ناطق، وليس هذا محال، لأن المحال هو أن يكون شىء موجود بالفعل يصير المتضادين معا بالفعل. وهذا معنى لطيف جدا فهمته عن «اللينوس» وكسوته هذه العبارة بأوضح ما قدرت عليه، وزدت فيه زيادات صالحة تنبنى عنه. واللينوس يقول: إن فرفريوس يشير بقوله بالقوة إلى الحد، أى أن فرفريوس يريد بقوله: «ولكن الفصول التى تحت الجنس هى له بأجمعها بالقوة» أى أن الحيوان المعقول وهو ما يحصل فى النفس من حدة القائل إنه جوهر ذو نفس حساس متحرك بإرادة، أى أن هذا المعقول إذا [شاء به] [شابه]، غير ناطق صار غير ناطق وإذا [شابك] الناطق كان ناطقا فلأنه إذا لابس هذا صار هو، وإذا لابس هذا صار هو، وكان هذا المعنى أعنى المعقول لشبه المعنى الموجود بالقوة الذى يصير كل واحد من التضادين سماه فرفريوس بالقوة من طريق مشابهته لما هو موجود بالقوة.
ويجب أن تعلم مما ذكرناه أن الموجود بالفعل يقال على ضربين: فإن قولنا مثلا إن هذا الإنسان كاتب بالفعل [يفهم] منه معنيان: أحدهما أنه هو ذا يكتب، والآخر إذا نظرنا إليه فعلا [سلب؟] عن الكتابة فإن هذا يقول فيه إنه كاتب بالفعل لأن الكتابة ملكة له؛ وكذلك أيضا قولنا إن هذا الإنسان كاتب بالقوة يفهم منه معنيان، أحدهما يشار به إلى الإنسان الذى من شأنه ويمكن فيه أن يكون كاتبا، مثل الصبى، والآخر إلى الإنسان الذى الكتابة ملكة له، لكنه ليس هو ذا يكتب بالفعل. وهذا هو الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالفعل. فالضرب الثانى من الأشياء الموجودة بالفعل هو الضرب الثانى من الأشياء الموجودة بالقوة. فأصحاب أرسطوطاليس يشيرون بقولهم إن الفصول موجودة فى الأجناس بالقوة إلى الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالقوة؛ وأصحاب أفلاطون فيشيرون بقولهم إن الفصول موجودة فى الجنس بالفعل إلى الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالفعل؛ فهما إذن يشيران إلى معنى واحد بعينه، لأن الضرب الثانى من ضروب الأشياء الموجودة بالفعل هو الضرب الثانى من ضربى الأشياء الموجودة بالقوة كما بينا آنفا، فهما إذن متفقان.
Sayfa 108