Tabiat ve Metatabiat: Madde, Hayat, Tanrı
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
Türler
ومن يفهم هذه الضرورات يستوعب علم الألوهية كله، ولا تزعجه قضية من قضاياه، ولا اعتراض من الاعتراضات، مهما تبد القضية عسيرة القبول، ومهما يبد الاعتراض قويا. فلعل هذا العلم أشبه العلوم بالرياضيات، متى قبلنا المبدأ خرجت منه النتائج حتما، والمبدأ هنا أن الفعل متقدم على القوة، ولا ينكره إلا من ينكر العقل وبديهياته.
إذا كان هذا شأن الله، وكان شأننا أننا خلائقه حبانا بالحياة الإنسانية وأسبغ علينا سائر النعم، فقد تعين أن نعبد جلاله، ونحب قدسه، ونبثه عواطف العبادة والمحبة، مقابلة لإحسانه بالحمد والثناء. وهذا معنى الدين: إنه علاقة المخلوق بالخالق، يبدأ الله بها ونتمها نحن. وكل تضييق لهذا المعنى قضاء عليه ونزول به إلى درك مهين لله وللعدالة الموحية به، وإنما يجيء التضييق من جانب المتشككين في وجود الله أو في صفاته. قال كنط معبرا عن رأيه ورأيهم: «إن الواجب الديني قاصر على العلم بواجباتنا الطبيعية وأدائها كأنها أوامر إلهية.» وشرح هذه العبارة فقال من جهة: إن علمنا بالله غامض غير يقيني لا يلزم عنه واجب؛ وقال من جهة أخرى: إن التفاوت بين المتناهي واللامتناهي عظيم للغاية لا يبقى معه على المتناهي واجبات بمعنى الكلمة نحو اللامتناهي.
والجواب أن علمنا بالله كاف ليبين لنا أن الله هو المثل الأعلى للكمال، وأنه خالقنا ومشرعنا وعنايتنا وغايتنا: وهذه صفات تدعو - وفقا للعادة - إلى واجبات بمعنى الكلمة من احترام ومحبة. فإن السبب الأول للواجب ليس النفع المستفاد، وإنما هو حكم العقل طبقا للعادة، بأن الموجود يحترم ويحب تبعا لقيمته، بصرف النظر عن التناهي وعدمه، أو النفع وعدمه . وما داموا قد فتحوا هذا الباب نقول لهم: إذا كان الله بغير حاجة لاحترامنا ومحبتنا، فإننا نحن بحاجة إلى أن نحترمه ونحبه «لما نفيده من قيمة باطنة، بغض النظر عن المنفعة المادية، وهي خارجة عن الحساب على كل حال».
الأفعال التي نؤدي بها هذه الواجبات تؤلف العبادة. ولما كان الإنسان مركبا من نفس وجسد، وكان بطبيعته مدنيا عائشا في مجتمع، انقسمت العبادة إلى باطنة وظاهرة، فردية وجماعية. العبادة الباطنة أرقى من الظاهرة، لعلو النفس على البدن، وإليها ترجع العبادة كلها. إنها الصلاة ترتفع بها النفس نحو الله لإجلاله وحمده والتماس غفرانه ومعونته. ومن الفلاسفة فريق يسلمون بالصلاة العابدة الحامدة، ويأبون الصلاة المستغفرة السائلة. قال روسو: «أعبد الله، ولا أسأله شيئا، فإن السؤال يعني التشكك في عناية الله وطيبته.» وقال كنط: إن الله عليم بكل شيء، طيب للغاية، ميال بذاته إلى معونتنا، وهو يعلم حاجاتنا خيرا مما نعلمها، فمن الفضول الإعراب عنها بالصلاة. وقال كثيرون: إن الإرادة الإلهية لا تتغير، فمن الغرور محاولة تبديلها بالصلاة.
الحقيقة أن الصلاة ليست تشككا في الله، وإنما هي رجاء وطيد يدفع بالنفس إلى الاستعانة على الشر بإله خير قدير. إن الضعف البشري محسوس من الجميع، ومحاولة الاستقواء عليه دليل على التوبة وحسن النية. ثم ليس الإعراب لله عن حاجاتنا فضولا، وإنما هو اعتراف بالقدرة الإلهية، ومشاركة منا في الانتصار بها. ثم ليست ترمي الصلاة إلى تغيير أحكام الله، وإنما هي أولا: وضع الأمور في نصابها الحق، الذي هو أن المخلوق قابل لا مانح، وثانيا: أنه بالصلاة يصير مستحقا نوال ما يسأل، وصلاته واستجابتها داخلتان في الأحكام الإلهية، كما أن عدم الصلاة داخل في الأحكام كذلك، وليس في هذه الحالة ما يدعو إلى قضاء الحاجة، سيما وأن هذا القضاء قد يبدو إغراء بالصلف والكبرياء. أما العبادة الظاهرة فأقل أهمية في ذاتها من العبادة الباطنة، ولا معنى لها ولا قيمة بدونها. بيد أنها إلزامية كذلك، فإن الجسد جزء جوهري من الإنسان، فنحن ملزمون بإشراكه في العبادة، وهو في الواقع يشترك في كل فعل باطن لما بينه وبين النفس من اتحاد جوهري. بل إن له رد فعل خاصا به: فما إن يفعل حتى يكسب فعله وموضوعه رسوخا ونماء، وهذا ما كان يتوخاه بسكال بنصحه غير المؤمن بعد بممارسة أفعال العبادة تقوية وتعجيلا للإيمان، كأنه يقول: اعمل كما لو كنت مؤمنا فتؤمن. فالعبادة الظاهرة ترسخ وتنمي العبادة الباطنة، وهذا الترسيخ وهذا الإنماء واجبان. وأما العبادة الجماعية فملزمة أيضا؛ لأن الله سيد الجماعات كما أنه سيد الأفراد، فهو حقيق بالعبادة بهذا الاعتبار. والأسباب المذكورة تأييد للعبادة الظاهرة تعود كلها هنا.
مما تقدم يبين بوضوح أن كل مذهب يأبى العلم على الله، كمذاهب أرسطو وأفلوطين وابن سينا، هو مذهب هدام للدين. ما الإله الذي لا يعلم بخلائقه ولا يعنى بهم؟ وأي معنى للصلاة، وكان أتباع الأفلاطونية الجديدة يقرونها مع ذلك، بل يجعلون منها رأس الشعائر الدينية؟ فإن قالوا: إن عدم الفائدة الموضوعية لا يمنع فائدة ذاتية للمصلي نفسه، كما ذكرنا منذ هنيهة، قلنا: ومتى علم المصلي بذلك عادت صلاته نفاقا، واضطربت نفسه بالتناقض بين رأي مذهبي يأبى العلم على الله، وبين عاطفة ضرورية للدين.
بقي أن ننظر في المعجزات، وهي في كثير من الأديان دلائل على صدق الدعوة، وعلى مدى القدرة الإلهية. المعترضون عليها هم أولئك الفلاسفة المدعوين بالعقليين لرجوعهم في هذه المسألة إلى حكم العقل، كما يقولون، وادعائهم أن العقل يؤيد ثبات القوانين الطبيعية، وينكر الشذوذ عنها. والغريب أنهم أشياع الحسية والتصورية المنكرتين لمبدأ العلية ولكل مبدأ ضروري. لم يعترض على المعجزات؟ يقولون: لأنها غير مفهومة. هل في العالم كائنات أو ظواهر مفهومة؟ فليختاروا أي كائن أو أي ظاهرة شاءوا مما عرفوه وألفوه؛ فإنهم يجدونه غير مفهوم. هل تحول الأكسجين والهيدروجين، وهما عنصران متباينان، إلى ماهية أخرى، أمر مفهوم؟ هل نمو حبة القمح أو أي نبات آخر، أمر مفهوم؟ ونستطيع أن نذكر ما لا يحصى من الأمثلة حتى تنتهي إلى أن الطبيعة بأسرها غير مفهومة على الوجه الذي يقصدون، سواء في الجماد والنبات والحيوان بما فيه الإنسان. كلما صعدنا سلم الأشياء وجدنا تعقيدا أكثر وفنا أدق. ولكن ألفتنا لها هي التي تجعلنا نستسيغها، وندهش للنادر الوقوع. ولا يقولن قائل: إن المعجزات تدخل جديد من جانب الله، وإنكار للقوانين التي شرعها. كلا، فإن الحادثات كثيرة جدا، ولا يقدح حدوثها في ثبات الطبائع وقوانينها. إن الجديد هو من جانبها لا من جانب الله. لم تكن، ثم حدثت طوعا لإرادة إلهية أزلية، وهذا كل ما في الأمر.
ولا بد من كلمة أخيرة عن القوانين الطبيعية وضرورتها. إنها ضرورية في ذاتها بضرورة تركيب ماهيات الأشياء، أو ضرورة خصائصها، أو ضرورة نتائجها: فمن الضروري، إن وجد الإنسان أن يكون مركبا من نفس وجسد وبالهيئة المعلومة، وضحاكا، ومدنيا. ولكن القوانين غير ضرورية الوجود، وإنما هي ممكنة لأن الموجودات الطبيعية أنفسها ممكنة الوجود وعدمه، والقوانين خصائص لها وأغراض وقواعد لأفعالها متوقفة على شروط وظروف هي ممكنة التحقق وعدم التحقق؛ وهذا باب مفتوح للمعجزات: فإذا شاء الله ألغى أثر النار فلم تحرق، ولا تناقض في وقت العرض، وإذا شاء شفى المريض دفعة، والشفاء حادث طبيعي، لكن الشفاء دفعة ليس طبيعيا، فهو يتطلب تدخلا من الله لا يصاحبه ولا يلزم عنه تناقض أو إلغاء قانون. وبهذا المعنى جميع القوانين ممكنة، أو هي ضرورية بضرورة شرطية متى توفرت لها شروطها وظروف الشروط، ونحن نرى أفعال الأشياء تتعدل بتعدل كتلتها مثلا، أو مسافتها من أشياء أخرى. والمسألة دقيقة من غير شك، فلا نزيدنها دقة بسوء الفهم أو سوء التأويل، مثال ذلك: مسألة البعث، فقد أريد أن يكون إيجادا لعين ما كان، وأن تجمع جميع أجزاء الكائن المبعوث التي كانت موجودة في جميع عمره فيه. فرد عليهم الغزالي بأن البعث إيجاد لمثل ما كان، لا لعين ما كان، وأن جمع جميع الأجزاء محال
1
وليس ضروريا حتى يحتج باستحالته. وهكذا في مسائل جمة، والمؤمن الذي يراجع الأمور بما ينبغي من فطنة وحذر، لا يجد صعوبة عاتية في حفظ إيمانه، خصوصا إذا ضاهى الصعوبات بما في علم الألوهية من براهين قاطعة وشواهد دامغة، وبما في الحياة الدينية من رفعة وغبطة، إذ يبين فيها الله مثال الحق والخير والجمال، وأبا رحيما قديرا ناصرا للخير ناشرا للتفاؤل. (2) تسبيح وتمجيد
Bilinmeyen sayfa