Tabiat ve Metatabiat: Madde, Hayat, Tanrı
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
Türler
والضحك، وقد طالما استشهد به المناطقة للتمثيل على الخاصة في الكلام عن الكليات الخمسة، هو أيضا أثر للعقل، فهو خاص بالإنسان لا يشاركه فيه نوع من أنواع الحيوان، ذلك أنا نضحك لانتفاء النسبة بين ما هو كائن وما حق أن يكون، فنضحك من السر كان مثلا؛ لأن نسبته إلى الإنسانية قد انتفت بالسكر؛ ونضحك من الطفل يقلد القائد، ومن المدعي ما ليس فيه، ومن المازح يأتي حركات ويؤلف كلاما على غير المألوف؛ وقد نضحك من المحموم يهذي رغم ما يثيره مرضه فينا من الحزن والعطف. كل ذلك وغيره كثير للسبب عينه، وهو ارتفاع النسبة المدركة بالعقل.
فهذه الآثار أخصر دليل على وجود العقل حيثما توجد، أي في الإنسان، وعلى انعدام العقل حيث تنعدم، أي في الحيوان. ومهما تبلغ الجرأة بالفلاسفة الحسيين، فلسنا نظنهم يزعمون للحيوان علما أو فنا، ولا أخلاقا أو دينا؛ فإنه لا يعرف سوى المحسوسات، فسلوكه برمته خاضع لغرائزه ولما يعرض له من لذة وألم. فما يلائم حاجته الحاضرة هو الذي يتغلب بالضرورة، فلا مثل عليا ولا واجب ولا حرية. كذلك لا نظنهم يزعمون له لغة: كل معرفته بهذا الصدد قاصرة على الإشارات الطبيعية، وعلى التأليف بينها وبين ما يتصل بها بالتداعي، ولا يرتقي إلى معنى الدلالة الذي هو الأصل في اختراع الكلام؛ لذا لا يرتقي إلى اصطناع الألفاظ، ودلالتها وضعية عرفية، أي عقلية، مع حصوله (أو حصول بعض) على الأعضاء الكفيلة بالتلفظ؛ والحاصل منه عليها يحاكي أصوات الحيوان محض محاكاة؛ وهو إذ يعمل بناء على الألفاظ يسمعها من الإنسان، فليس معنى ذلك أنه يفهم مدلولات الألفاظ، بل إن أصوات هذه الألفاظ مرتبطة عنده بأفعال معينة تعود إلى مخيلته بالتداعي. ولا جدوى من محاولة تعليمه اللغة، والأفراد منه العائشة مع الإنسان منذ آلاف السنين لم تتعلم لغة من لغاته. وإذا كان العلم والفن والأخلاق والدين أمورا دقيقة تستعصي على فكره كما يقولون، فإنا نلاحظ أن القدرة لم تنشئ صناعة ما، ولو ضئيلة كل الضآلة، بل لم تحاك صناعة من صناعات الإنسان، فلم تصنع سلاحا ولم تبن بيتا، ولم تبتكر شيئا كفيلا بتحسين حياتها ورفع مستواها فوق مستوى سائر الأنواع. ذلك هو الفرق بين العقل والحس، فكيف يدعي الحس عقلا؟ (2) الإرادة
والإدراك العقلي يستتبع نزوعا أو ميلا إلى الفعل مطابقا له. وإذا كان في كل موجود ميل إلى الفعل، فإن أصل الميل يختلف باختلاف الموجودات، ففي الجماد والنبات، وهما عاطلان من الإدراك، يحدث الميل بتعيين الطبيعة، فيتجهان إلى الغاية منه اضطرارا أو على نحو واحد. وفي الحيوان يحدث الميل مع إدراك للموضوعات المعروضة في الحواس: يحدث بتعيين أساسي من الطبيعة في الأفعال الغريزية، وبدون تعيين في سائر ما يسعى إليه أو ينفر منه، فإن الغايات والأفعال هاهنا متنوعة كتنوع المدركات، يقبل عليها أو يهرب منها حسبما تولد فيه لذة أو ألما. فإن طبيعته مقصورة على الحس وبينها وبين الموضوعات المحسوسة معادلة ومطابقة، فلا يستطيع السيطرة عليها، بل يميل دون مدافعة إلى ما يلذ له أو يألم منه، فلا يعرف الاختيار بين شيئين أحدهما محسوس والآخر معقول أو أحدهما حاضر والآخر غائب.
وفي الإنسان يحدث ميل كالسابق؛ لأن الإنسان حاس كالحيوان، ويحدث ميل خاص تابع لإدراك للخير أوسع وأعمق: يدل عليه ما يلوح في النفس من معان وعواطف عليا تشهد بأن هناك قوة أعلى من النزوع الحسي التابع للمعرفة الحسية؛ ذلك أن العقل يدرك المجرد الكلي، فيدرك الخير الكلي المطلق الذي يحقق السعادة التامة، والذي نرى أثره حين نلاحظ عجز الخيرات الجزئية. مهما توافرت وتعاظمت عن سد مطامعنا، وقد أفاض في ذلك المفكرون وقال بسكال: «إنما يريد الإنسان أن يكون سعيدا، ولا يريد أن يكون إلا سعيدا، ولا يسعه ألا يريد أن يكون سعيدا.» فالإنسان يطلب بالضرورة الخير الكلي المعلوم بالعقل، ويطلب باختياره كل ما يجد له نسبة إلى الخير الكلي، بينما الحيوان ينزع إلى ما يدرك بالحس، ولا يضاهي بين الجزئيات إلا من وجهة اللذة الحسية، ومن هذه الوجهة توجد دائما لذة أقوى تجذبه وتعين فعله.
هذا النزوع العقلي الإنساني المغاير للنزوع الحسي يسمى إرادة، ولو أن الاصطلاح قد يختلف أحيانا؛ مثال ذلك قول الفارابي: «إن كان النزوع عن إحساس أو تخيل سمي الإرادة، وإن كان عن روية سمي الاختيار، وهذا يوجد في الإنسان خاصة.»
1
على حين يقول ابن رشد: «الإرادة قوة فيها إمكان فعل أحد المتقابلين على السواء.»
2
ومثل هذه القوة روحية، أي لا عضوية كالعقل؛ يتضح ذلك من كون موضوعها لاماديا، وهو مطلق الخير، ولا بد أن تكون القوة النازعة معادلة للقوة المدركة.
وبالطبع ينكر الحسيون وجود الإرادة، وسوف تصادف أقوالا لبعضهم، ونذكر هنا أن كوندياك يرجعها إلى ما للتصور من قوة التحريك كما يبدو كثيرا في الحياة العادية وفي النوم الصناعي، ويعتبر المشورة صراعا بين تصورين متعارضين، والجزم إما قمع التصور الذي يميل إلى التحقيق، أو تثبيت الانتباه إلى التصور الذي يريد تحقيقه، فيتحقق. ويقول سنوارت مل: «إن النفس التي تشاور مثلها كمثل الميزان المتردد قبل السكون؛ وإذا أحطنا علما بجميع الظروف أمكننا أن نتوقع النهاية ونتنبأ بها، فإن عدم التعيين ظاهري، وإن الدواعي والبواعث يمكن تشبيهها بالقوى الآلية. كذلك يقول سبنسر: إن عدم التعيين ظاهري، وإنه يفسر بما للعلل من شدة التعقيد. وهم على العموم يردون جميع الأفعال الإنسانية إلى «المزاج» أي: جملة الاستعدادات البدنية التي حصرها القدماء في الأربعة المعروفة وهي : الدموي والصفراوي والعصبي والبلغمي، والمتكونة بالوراثة ونوع المعيشة والمناخ وسائر العوامل الخارجية، فإن الإنسان كائن طبيعي خاضع حتما للتأثيرات المادية، حتى من الوجهة الأخلاقية «فما الفضيلة والرذيلة سوى مركب مادي كالسكر وماء النار» على حد قول تن
Bilinmeyen sayfa