============================================================
اكتوى فانحبس عنه ذلك، إلى غير ذلك مما لا ينحصر، وقد جمع الحافظ بن سيد الناس اليعمري كرامات الصحابة في مصنف له. وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى.
واعلم أن مذهب أهل السنة إثبات كرامات الأولياء، وكتب أصحاب المذاهب الأربعة ناطقة بذلك أصولا وفروعا، وانه لا يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بخلافه، وأنه لا ينكر الكرامات إلا المعتزلة ونحوهم من أهل البدع، وما ذكرناه من الكتاب والسنة حجة عليهم وإن كان ذلك لا يفيدنا فيهم، فقد تلي الفرقان والتوراة والانجيل على من لم يرد الله به خيرا ولم يفد فيه ذلك شيئا، ومن ميجعل الله له نورا فما له من نور.
فل فإن قال قائل: فما بال الصحابة رضي الله عنهم لم يرو عنهم من الكرامات الكثيرة مثل ما اشتهر عن الأولياء؟ فالجواب ما أجاب به الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وقد سئل عن ذلك فقال: أولئك كان ايمانهم قويا فلم يحتاجوا إلى زيادة، وغيرهم لم يبلغ ايمانهم ايمان أولئك فقووا باظهار الكرامات. وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي: خرق العادة إنما يكاشف به لضعف المكاشف، وفوق هؤلاء قوم ارتفعت الحجب عن قلوبهم وباشر بواطنهم روح اليقين وصرف المعرفة، فلا حاجة لهم إلى مدد من الخارقات ورؤية الآيات، ولهذا ما نقل عن أصحاب رسول الله ظ من ذلك إلا قليل، ونقل عن المشايخ المتأخرين أكثر من ذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم ببركة صحبته ومجاورة نزول الوحي وتردد الملائكة، تنورت بواطنهم وعاينوا الآخرة وزهدوا في الدنيا وتزكت نفوسهم، فاستغنوا بما أعطوا عن الكرامات. وقال الاستاذ أبو القاسم القشيري: وكل نبي ظهرت له كرامة على واحد من أمته فهي معدودة من جملة معجزاته، قال: ثم الكرامات قد تكون اجابة دعوة أو اظهار طعام من غير سبب ظاهر، أو حصول ماء في زمان عطش أو قطع مسافة في مدة قريبة أو تخليصا من
Sayfa 39