قامت الرواقية، شأنها شأن أكثر المذاهب الفلسفية التي أعقبت أرسطو، استجابة لحاجة عملية لا لترف نظري، ولكي تعين الإنسان في الشدائد والمحن، وتعلمه كيف يصمد في الخطوب ويثبت في الأزمات العنيفة التي اعتورت المجتمع في العصر الهلينستي.
ومن يوغل في الفلسفة الرواقية فسوف يتنسم عبيرا لا يمت إلى أثينا بقدر ما يذكره بنفحات الشرق وحكمائه وأنبيائه. وليس بدعا أن يصفها البعض بأنها أشبه ب «بوذية أوروبية»، أو «يوجا غربية»؛ ذلك أن أغلب مؤسسيها الأوائل كانوا شرقيين سوريين.
7
أما شيخ الرواقيين الأوائل فهو زينون
Zeno
الفينيقي الذي ولد في كتيوم
Kition
بقبرص في النصف الثاني من القرن الرابع قبل الميلاد. وقد جاء إلى أثينا في شأن تجاري لأسرته فجذبته الفلسفة، فأقام في أثينا وجعل يتنقل من مدرسة فلسفية إلى أخرى، استزادة من العلم، حوالي عشرين سنة، وحضر دروس كسينوكرانيس الأكاديمي واستلبون الميجاري وتتلمذ بخاصة على أقراطيس (كرايتس) الكلبي، ثم أنشأ مدرسة خاصة به، واتخذ «الرواق المزخرف»
Stoa
مكانا لإلقاء دروسه. وهو إيوان عند مدخل الأجورا في أثينا، ذو أعمدة مزدانة بنقوش من ريشة المصور بولجينوط، كان من قبل منتدى للأدباء والفنانين، ومنه جاء اسم «الرواقية»
Bilinmeyen sayfa