أن تريد من الشرير ألا يفعل الشر مثل أن تريد من شجرة التين ألا تحمل أنفحة في تينها، ومن الرضيع ألا يبكي، ومن الحصان ألا يصهل، أو أي شيء آخر من الحقائق الضرورية للطبيعة؛ فماذا يتعين أن يفعل إنسان لديه هذا الطبع؟ فإذا كنت حريصا حقا فاشفه من حالته!
13 (12-17) إذا لم يكن صوابا لا تفعله، وإذا لم يكن صدقا لا تقله. (12-18) بإزاء كل شيء انظر دائما ماذا يكون هذا الشيء الذي أحدث في عقلك انطباعا، وحلله بتقسيمه إلى الصورة، والمادة، والغاية، والأمد الزمني الذي لا بد أن ينتهي خلاله. (12-19) أدرك أخيرا أن بداخلك شيئا ما أقوى وأكثر بهاء من الأشياء التي تولد شتى الانفعالات التي تحركك بخيوطها كالدمية. ماذا لديك الآن في عقلك في هذه اللحظة بالضبط؟ هل هو خوف؟ شك؟ رغبة؟ شيء آخر من هذا الصنف؟ (12-20) أولا: لا تفعل شيئا من غير هدف أو من غير غاية.
ثانيا: لا تقصد إلى أية غاية سوى الخير العام. (12-21) تذكر أنك بعد برهة ستكون لا شيء وفي لامكان، وكذلك كل ما تراه الآن وكل من هو الآن حي. إنها طبيعة الأشياء جميعا أن تتغير، وأن تهلك، وأن تتحول؛ لكي يتاح لغيرها أن يأتي إلى الوجود على التتابع. (12-22) تذكر أن ملكة الرأي هي كل شيء، وأن رأيك بيدك. امح رأيك إذا شئت، وستجد السكينة. ستكون كالبحار الذي يدور حول رأس الأرض، فيجد ماء هادئا، وخليجا ساجيا بلا أمواج.
14 (12-23) ما من نشاط يضيره أن يتوقف ما دام قد توقف في الوقت المناسب، ولا فاعله يضيره شيئا أن هذا النشاط المعين قد توقف؛ وعلى ذلك فإذا بلغت جملة أفعاله، التي تشكل حياته، نهايتها في الوقت المناسب فلا ضير عليها من مجرد التوقف، ولا ضير على من ختم هذه السلسلة من الأفعال في الوقت المناسب. أما الوقت والأجل فتحددهما الطبيعة؛ طبيعة الإنسان أحيانا كما في الشيخوخة، وطبيعة العالم في كل الأحيان، والتي من خلال التغيير الدائم لأجزائها المكونة تبقي العالم كل صبيا وعفيا.
وكل ما ينفع العالم فهو حسن وفي إبانه؛ لذا فلا بأس على الإطلاق بأن تنتهي حياة كل منا؛ فلا النهاية عيب ولا اختيار ولا هي ضد الصالح العام، بل هي خير؛ إذ تقع في التوقيت الملائم ل «الكل»، وتصب في صالحه، وتنسجم معه؛ فكذلك أيضا يمشي المرء بعون الرب إذا مضى باختياره ووجهته على طريق الرب. (12-24) لتكن هذه المبادئ الثلاثة نصب عينيك:
أولا:
في أفعالك لا تفعل شيئا بلا هدف، أو بهدف غير ما تقتضيه العدالة. وفيما يلم بك من الخارج فاذكر أنه إما يحدث بالمصادفة وإما بالعناية، وعليك ألا تلوم المصادفة ولا تتهم العناية.
ثانيا:
تأمل ما يكونه كل كائن منذ هو بذرة إلى أن يتلقى الروح، ومنذ تلقيه الروح إلى أن يسلمها مرة ثانية، وما هي العناصر التي كونته والتي سوف ينحل إليها في النهاية.
ثالثا:
Bilinmeyen sayfa