وكما أنك الآن قد تكون منتظرا طفلا حملته امرأتك أن يولد من رحمها، كذلك ينبغي لك أن تتشوف إلى اللحظة التي تنسل فيها روحك من هذا الغلاف.
2
أما إذا كنت تريد معيارا آخر، سوقيا على أنه يمس القلب، فسوف يهون عندك لقاء الموت إذا نظرت إلى الأمور التي سوف يعفيك منها والشخصيات التي لن تعود تنغص روحك. صحيح أنك ينبغي ألا تسيء إليهم بل ترعاهم وتتحملهم بلطف ورحمة؛ ولكن تذكر أن رحيلك لن يكون رحيلا عن أشباهك في المبدأ (فهذا هو الشيء الوحيد، إن وجد، الذي يمكن أن يشدنا إلى الحياة؛ أن يتاح لنا أن نعيش مع أشباهنا في المبدأ)، ولكن ها أنت ترى كم هو مضجر أن تعيش في غير تناغم مع رفاقك، بحيث يحق لك أن تقول: «أقبل وعجل أيها الموت، وإلا نسيت نفسي أنا أيضا.» (9-4) المذنب يذنب في حق نفسه، والظالم يظلم نفسه لأنه يجعلها آثمة.
3 (9-5) قد يرتكب الظلم بالإحجام عن الفعل، مثلما يرتكب بإتيانه. (9-6) بحسبك ثلاث؛ أن يكون حكمك الراهن قائما على الفهم، وفعلك على الخير الاجتماعي، وميلك على الرضا بكل ما يحدث. (9-7) امح الخيال، اكبح الرغبة، أخمد الشهوة؛ حتى يظل عقلك الموجه سيد نفسه. (9-8) تشترك المخلوقات غير العاقلة في حياة واحدة، وتشترك المخلوقات العاقلة في روح عاقلة واحدة، تماما مثلما أن هناك أرضا واحدة لكل الأشياء الأرضية، ونورا واحدا نرى به، وهواء واحدا نتنفسه جميعا نحن ذوي البصر والحياة. (9-9) كل شيء منجذب إلى صنوه. كل شيء ترابي يميل إلى التراب. وكل مائي يتفق معا، وكذلك الهواء؛ لذا يستلزم فصلها عوائق فيزيائية. ويرتفع اللهب إلى أعلى بسبب عنصر النار، غير أنه ميال بشدة إلى أن يشعل أي نار في الأسفل بحيث إن أي مادة بلغت مبلغا من الجفاف تشتعل بسهولة، بسبب نقص المكونات التي تعوق الاحتراق.
وعليه فإن كل الأشياء التي تجمعها طبيعة عاقلة مشتركة تميل بنفس الدرجة، بل بدرجة أكبر، إلى الانجذاب بعضها إلى بعض. وبقدر ارتفاع منزلتها على بقية الموجودات فإنها أكثر استعدادا للائتلاف والامتزاج بجنسها.
فبداية من المخلوقات غير العاقلة بوسعنا أن نرى خلايا النحل وقطعان الماشية، وطيورا ترعى صغارها، وبمعنى ما؛ ضروبا من الحب؛ فثمة أرواح حيوانية تعمل عملها. وبارتفاع المرتبة تزداد الرابطة الجمعية قوة لا نجدها في النباتات أو الأحجار أو الأشجار. حتى إذا بلغنا الكائنات العاقلة وجدنا المجتمعات السياسية، والصداقات، والعائلات، والاجتماعات. وفي الحروب نجد المعاهدات والهدنات. وبمزيد من الارتقاء في المنزلة ثمة نوع من الاتحاد حتى على بعد، كما هو الحال بين النجوم. إذن يمكن للمراتب العليا من الوجود أن تضفي شعورا بالزمالة حتى إذا كان الأعضاء منفصلين بعضهم عن بعض.
انظر إذن إلى ما يحدث الآن. وحدها المخلوقات العاقلة قد نسيت ذلك الميل المتبادل إلى الاتحاد، وحدها من افتعل الفرقة والتباعد. غير أنهم مهما جهدوا لتجنب الوحدة فإنهم مأخوذون بها؛ فتلك هي قوة الطبيعة.
4
دقق النظر ولسوف ترى ما أعنيه. إنه لأيسر لك أن ترى التراب يشيح عن التراب من أن ترى الإنسان منبتا عن الإنسان. (9-10) الإنسان، والله، والعالم؛ كل يثمر أو يؤتي أكلا في أوانها، ولا يهم إذا كان الاستخدام الشائع يقصر معنى الإثمار على الكروم وأشباهه؛ فالعقل أيضا له ثمره، العمومي والخاص؛ ثمة أشياء أخرى تنمو منه وتشارك في طبيعته. (9-11) إذا استطعت فبين لهم الطريق الأقوم، وإذا لم تستطع فتذكر أنه لذلك السبب قد أوتيت ملكة السماحة.
5
Bilinmeyen sayfa