132

الاجناس ، وتلتحم بمصالحها الثقافية والتجارية مع اعظم الاقطار المعروفة في ذلك الزمان. والكوفة هي كل شيء في سياسة الحسن عليه السلام ، أو هي اعظم ذخيرة كان يدخرها للايام السود ، والوقائع الحمر ، والبلايا الملونة التي شاءت الليالي أن تجمعها عليه في وقته الحاضر فذكر ، وهو يستعرض في نفسه سوابقه مع الكوفة أو سوابق الكوفة معه ، انثيال الناس هناك على بيعته والاخذ بيده ، واجماعهم على قبول شرطه يوم رضي أن يمد يده لبيعتهم « على أن تكون بالسمع والطاعة ، وأن يحاربوا من حارب ويسالموا من سالم ».

ثم نظر الى حوادث « مسكن » وزلزلة الاكثر من جيوشه « الكوفيين » هناك ، ونفورهم من القتال وركونهم الى الفرار ، وانخداعهم بالمطامع ، وجهرهم بالعصيان ، ونقضهم المواثيق التي عاهدوا الله عليها.

فساءه ، ان تبلغ السفالة البشرية ، وميوعة الدين ، وصفاقة الاخلاق ، في عصبة تدعى الاسلام ، وتتقلد القرآن ، وتؤمن على ظاهرها بالنبي فتصلي عليه وعلى اله ، في صلواتها الخمس كل يوم خمس مرات مبلغها من هؤلاء الذين خانوا النبي في آله ، وخانوا الله في مواثيقه ، وباءوا بمخزاة التاريخ على غير كلفة ولا اكتراث.

وظنوا ان معاوية مانعهم من الموت والفقر ، ولا والله ما من الموت مفر ، ولا رشوات معاوية بأجدي لهم من الرزق الحلال الذي قدر لهم في هذه الحياة ، وسيصعد معاوية منبره في الكوفة ، معلنا على رؤوسهم حنثه بأيمانه وعهوده ومواعيده ، وجاعلا « كل ذلك تحت قدميه (1)» ، وما هي الا شنشنته التي كان يمليها عليه طموحه الى الغلبة بكل سبب منذطمع بالطفرة الى التاج.

Sayfa 152