Studies in Sufism
دراسات في التصوف
Yayıncı
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Türler
منها وضع الحدود كالناذر للصيام قائما لا يقعد، صاحيا لا يستظل، والاختصاص في الانقطاع للعبادة، والاقتصار في المأكل والملبس على صنف من غير علة.
ومنها إلتزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي ﷺ عيدا، وما أشبه ذلك.
ومنها التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته.
وثم أوجه تضاهي بها البدعة الأمور المشروعة، فلو كانت لا تضاهي الأمور المشروعة لم تكن بدعة، لأنها من باب الأفعال العادية (١).
أما بعد فبعد هذا التمهيد والتوطئة المختصرة وذكر قول الله ﷿ حيث خاطب أهل الكتاب: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ (٢).
نقول: أن أمور التصوف وأعمال المتصوفة كلها مبنية على مخالفة تلك الأسس والقواعد، وليس فيها إتباع ولا اعتدال بل كلها ابتداع وغلو وتطرف ورهبانية ابتدعوها، ما كتبها الله عليهم، ولا أوجبها رسول الله ﷺ، ولا عمل بها أصحابه ورفاقه، تلامذته الراشدون ومبلغوا تعاليمه إلى العالمين، الذين اقتفوا آثاره،واهتدوا بهديه، واتبعوا سننه، وحملوا رايته، وجاهدوا في الله حق جهاده، ولم يكن واحد منهم معطلا نفسه، منزويا في الأربطة والتكايا، منعزلا في الخانقاوات والزوايا، متعطلا عن العمل، تاركا للجمعة والجماعة، مخترعا الطرق المخصوصة للوصول إلى الله، ومتخذا التعنت والتطرف تقربا وتزلفا إليه، ولم يكن يعد التجوع والتعري سببا للنجاة، ولا التسول والاستجداء وسيلة للنجاح، وكانوا تجارا زراعيا صناعا ورعاء للإبل والماشية، يكسبون الحلال ويرزقون به أولادهم، أهلهم وذويهم، ويطعمون الطعام على
_________
(١) الاعتصام للشاطبي ج١ ص ٣٩.
(٢) سورة النساء الآية ١٧١.
1 / 27