Sibaveyh: Hayatı ve Kitabı
سيبويه: حياته وكتابه
Türler
إن هذان لساحران
ألزموا الناس باتباع الأكثر الأغلب، فهم قد فضلوا القياس وآمنوا بسلطانه وجروا عليه وأهدروا ما عداه.
أما الكوفيون فلم يروا هذا المسلك، ورأوا أن يحترموا كل ما جاء عن العرب، ويجيزوا للناس أن يستعملوا استعمالهم، ولو كان الاستعمال لا ينطبق على القواعد العامة، بل يجعلون هذا الشذوذ أساسا لوضع قاعدة عامة، قال السيوطي في «بغية الوعاة»: إن الكسائي كان يسمع الشاذ الذي لا يجوز إلا في الضرورة فيجعله أصلا ويقيس عليه، فأفسد النحو بذلك.
فإن أضفت إلى ذلك أن الكوفيين كانوا أكثر رواية للشعر، وأن الشعر المصنوع لديهم أكثر من الشعر المصنوع عند البصريين، أدركت مقدار الخلف بين البصريين والكوفيين في مسلكهم.
ونرى في هاتين النزعتين أن البصريين كانوا أكثر حرية وأقوى عقلا، وأن طريقتهم أكثر تنظيما وأقوى سلطانا على اللغة، وأن الكوفيين أقل حرية وأشد احتراما لما ورد عن العرب.
وكان البصريون أكثر اعتدادا بأنفسهم، وأكثر شعورا بثقة ما يروون، وأشد ارتيابا فيما يرويه الكوفيون؛ لذلك كان الكوفي يأخذ عن البصري، ولكن البصري يتحرج عن أن يأخذ عن الكوفي.» ا.ه. كلام الأستاذ أحمد أمين.
وسوف نرى أثر هذه النزعة التعليلية القياسية في كتاب سيبويه، وسنرى أن اعتداد سيبويه بالقياس كان من الأسباب التي جعلته يخفق في رحلته إلى بغداد. (7) رحلته إلى بغداد
متى رحل سيبويه إلى بغداد؟ ولم؟ وفي مجلس من دارت المناظرة بينه وبين الكسائي؟ وكيف أديرت؟ وبم انتهت؟ ولم انتهت كذلك؟ وما الرأي في المسألة التي كانت موضع النزاع بينهما؟ وما نتيجة إخفاق سيبويه؟
أما أن سيبويه رحل إلى بغداد، ودارت بينه وبين الكسائي مناظرة، فذلك ما لا سبيل إلى الشك فيه، ولكن متى رحل إلى بغداد؟ لم يحدد التاريخ هذه السنة، وكل ما يذكره أن الرحلة كانت في عهد الرشيد، وأنها كانت إلى يحيى بن خالد البرمكي، ثم يذكرون أن الرحلة قد تمت ولسيبويه من العمر نيف وثلاثون سنة، ثم مات بعد هذه الرحلة بقليل. والبعض يذكر أنها تمت ولسيبويه نيف وثلاثون سنة، ولكنه عاش بعدها نحو عشر سنوات، ولا سبيل إلى استخلاص وجه الحق من هذه الأقوال المتضاربة، والذي أرجحه - لأن أكثر المؤرخين عليه - أن سيبويه لم يعمر طويلا بعد هذه الرحلة، فإذا أضفنا إلى ذلك أنه مات - كما سأرجح ذلك فيما بعد - وعمره نيف وأربعون سنة، كانت رحلته إلى بغداد بعد الأربعين من عمره حول سنة 179 هجرية.
أما الباعث على تلك الرحلة فالطموح إلى نيل المجد المادي والأدبي، فقد كان الكوفيون إلى ذلك الحين يستأثرون بهبات الخلفاء والقيام على تربية أولادهم، فطمع سيبويه في أن يفتح باب الخلفاء والأمراء للبصريين، وأن يشارك الكوفيين حظهم، وكان واثقا بنفسه الثقة كلها، مؤمنا بتفوقه وقدرته على الغلب والظفر، فأراد أن يبرهن للأمراء على أن البصريين يفوقون الكوفيين ويبزونهم، فعمد إلى رئيسهم مؤمنا بأن انتصاره عليه انتصار للبصرة على الكوفة، ومن وراء هذا النصر يجلس هو على قمة المجد الأدبي، ويظفر بما يرغب من المال والثراء، ورغبته فيهما واضحة، حتى ليروى أنه بعد أن أخفق في مناظراته قال الكسائي ليحيى - ولهجة الشماتة والانتصار بادية عليه، بعد أن كان قلبه يرتجف عندما سمع برغبة سيبويه في الحضور إلى بغداد - قال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد إليك من بلده مؤملا، فإن رأيت ألا ترده خائبا. فأمر له بعشرة آلاف درهم، وشهرة البرامكة بالبذل والعطاء هي التي بلا ريب جذبت إليهم سيبويه.
Bilinmeyen sayfa