Sibaveyh: Hayatı ve Kitabı
سيبويه: حياته وكتابه
Türler
أين ولد هذا النابغة؟ يجهل التاريخ كذلك مكان هذه الولادة، فهو لا يعرف البلد الذي رآه للمرة الأولى، ولا يكاد يذكره إلا وهو طالب للعلم، يغدو إلى مجالسه في مساجد البصرة، وبعض المؤرخين يروي أنه ولد بالبيضاء التي يصفها ياقوت في «معجم البلدان» بأنها مدينة مشهورة بفارس، وأنها أكبر مدينة في كورة إصطخر، وإنما سميت بالبيضاء لأن لها قلعة تبين من بعد ويرى بياضها، وكانت معسكرا للمسلمين يقصدونها في فتح إصطخر، وهي مدينة تقارب إصطخر في الكبر، وهي تامة العمارة خصبة جدا، ينتفع أهل شيراز بميرتها، وبينها وبين شيراز ثمانية فراسخ، وينسب إليها كثير من العلماء المبرزين، عد ياقوت منهم جملة صالحة.
أرجح هذه الرواية، وأستأنس لهذا الترجيح بما سنراه بعد من أنه رحل بعد إخفاقه في بغداد إلى فارس عائدا في أغلب الظن إلى مسقط رأسه، فوافاه الأجل بها، أو قبل أن يصل إليها في شيراز. (3) نشأته
وإذا كان التاريخ يجهل بالتحديد منبته، فهو يجهل كذلك نشأته الأولى، ولا يعرف ما شداه الطفل من العلوم، ولا ما أخذه من ألوان الثقافة، وأغلب الظن أنه كان كنابتة هذا العصر يقرءون القرآن ويحفظون شعر العرب وشيئا من السيرة النبوية وتاريخ الغزوات، ثم يمضي من يريد التخصص في مادة فيما خصص نفسه له.
ويروي كثير من المؤرخين أن سيبويه لم يطلب النحو أول ما طلب، بل كان يطلب الفقه والآثار، أي الحديث وتاريخ الغزوات، قال نصر بن علي: كان سيبويه يستملي على حماد بن سلمة، فقال حماد يوما: قال
صلى الله عليه وسلم : «ليس أحد من أصحابي إلا وقد أخذت عليه، ليس أبا الدرداء.» فقال سيبويه: «ليس أبو الدرداء.» فقال له حماد: «لحنت، ليس أبا الدرداء.» فقال سيبويه: «لا جرم، لأطلبن علما لا تلحنني فيه أبدا.» وطلب النحو، ليس في هذه القصة شيء من الغرابة، فقد يعن للمرء وهو يدرس ما يشعره بالنقص في ثقافته، فيتجه لاستكمال هذا النقص، وقد تظهر موهبته المكنونة في تلك المادة الجديدة، فينبغ ويمتاز. ومما لا ريب فيه عندي أن سيبويه لم يكتف بالنحو والفقه والآثار، بل ضرب في كل علم من علوم عصره بسهم، قال ابن عائشة: «كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد، وكان شابا نظيفا جميلا، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنه وبراعته في النحو، فبينا نحن ذات يوم إذ هبت ريح فأطارت الورق، فقال لبعض أهل الحلقة: انظر أي ريح هي؟ وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثم عاد، فقال: «ما ثبتت على حال.» فقال سيبويه: «العرب تقول في مثل هذا: قد تذاءبت الريح. وتذاءبت أي فعلت فعل الذئب؛ وذلك أنه يجيء من ها هنا وها هنا، ليخيل، فيتوهم الناظر أنه عدة ذئاب».» وإذا صحت هذه الرواية، وهي ليست بعيدة الصحة، دلتنا على منهج سيبويه التعليمي، واعتماده على التطبيق العملي فيما يلقيه من القواعد والنظريات، وإن علمه باللغة يدلنا عليه كثير من فصول كتابه ، ولا سيما أبواب الصرف، ففيها من غريب الكلمات ما يدلنا على محصول كبير في اللغة. (4) أساتذته
أما العلم الذي كرس له معظم وقته، ونبغ فيه وشهر به، فهو علم النحو، وكتابه فيه أول كتاب وصل إلينا في ذلك العلم، ويحفظ التاريخ من أساتذته في تلك المادة سيد أهل الأدب وصاحب العقلية الجبارة الخليل بن أحمد، وهو أعظم أساتذته أثرا فيه، وأكثرهم اتصالا به وأخذا عنه، وكان سيبويه يعد أبرع تلاميذ الخليل في النحو وأوثق من حمل عنه، ومنهم عيسى بن عمر الثقفي، مؤلف كتابي «الإكمال» و«الجامع» في النحو، وهو الذي أخذ عن أبي عمرو بن العلاء تلميذ يحيى بن يعمر أحد تلامذة أبي الأسود. ومنهم: أبو زيد الأنصاري تلميذ أبي عمرو بن العلاء أيضا، وقد عاش أبو زيد هذا بعد سيبويه بنيف وثلاثين سنة، ورأى المجد الذي أدركه تلميذه بتأليف الكتاب، وقد نقل عنه سيبويه فيمن نقل، فكان الأستاذ يقول كالمفتخر بذلك: كان سيبويه غلاما يأتي مجلسي، وله ذؤابتان، فإذا سمعته يقول: حدثني من أثق بعربيته فإنما يعنيني. ومنهم: يونس تلميذ ابن العلاء أيضا، وقد عاش كذلك بعد سيبويه، ويروى أنه لما مات سيبويه قيل ليونس بن حبيب: إن سيبويه قد ألف كتابا في ألف ورقة من علم الخليل، قال يونس: ومتى سمع سيبويه هذا كله من الخليل؟ جيئوني بكتابه، فلما نظر فيه ورأى كل ما حكى قال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صدق عن الخليل في جميع ما حكاه عنه، كما صدق فيما حكاه عني. ويخيل إلي أن الصلة لم تكن وثيقة بين سيبويه وأستاذه يونس كما نلمس ذلك في تلك الرواية وفي رواية أخرى نقلها ياقوت. ومن أساتذته في اللغة أبو الخطاب الأخفش الكبير، أستاذ أبي عبيدة معمر بن المثنى، وهو غير أبي الحسن الأخفش تلميذ سيبويه، وإن كان أكبر من أستاذه سنا. وروى سيبويه اللغة أيضا عن أبي عمرو بن العلاء كما ذكر ذلك ياقوت في معجمه (ج11، ص160). (5) زملاؤه
ويذكر التاريخ من زملائه ثلاثة نبغوا على يد الخليل بن أحمد، هم: النضر بن شميل، وكان أبرع تلاميذ الخليل في اللغة، ومؤرج العجل، وكان أبرعهم في الشعر واللغة، وعلي بن نصر، وكان أبرعهم في الحديث. (6) مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة
نشأ سيبويه بالبصرة، وأخذ علم النحو عن أعظم علمائها قدرا، ومعروف أن البصرة قد سبقت الكوفة في هذا اللون من الدراسة وانفردت به، حتى أخذ هذا العلم، عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي، أبو جعفر الرؤاسي، وعنه وعن غيره من علماء البصرة أخذ الكسائي والفراء معاصرا سيبويه، وقد بدأت مدرسة الكوفة في النحو منذ أنشأها الرؤاسي تناظر مدرسة البصرة، يقول الأستاذ أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام (ج2، ص294): «بدأ الخلاف هادئا بين الرؤاسي في الكوفة، والخليل في البصرة، ويظهر أن العصبية العلمية بين المدرستين كانت مؤسسة على العصبية السياسية التي ظهرت بين البلدين، فقد كان الكوفيون يميلون في الجملة سياسيا إلى دولة بني العباس، بينما كان البصريون منصرفين عنها. وقد ظهر في البصرة محمد بن الحسن العلوي الملقب بالنفس الذكية، والذي حاربه المنصور، وكان هو المرشح للخلافة قبل أن يأخذها العباسيون.
أهم الفروق بين المدرستين
وربما كان أهم الفروق الأساسية بين المدرستين أن مدرسة البصرة رأت أن أهم غرض هو وضع قواعد عامة للغة في الرفع والنصب والجر والجزم ونحوها، تلتزمها، وتريد أن تسير عليها في دقة وحزم، وإذا كانت اللغات دائما لا تلتزم القواعد العامة دائما، بل فيها مسائل لا يمكن أن تجرى على القاعدة، وخصوصا اللغة العربية، التي هي لغات قبائل متعددة تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا ... أراد البصريون تمشيا مع غرضهم أن يهدروا الشواذ، فإذا ثبتت صحتها قالوا: إنها تحفظ، ولا يقاس عليها. بل جرءوا على أكثر من ذلك، فخطئوا بعض العرب في أقوالهم إذا لم تجر على القواعد، فالبصريون إذا رأوا «إن» تنصب الاسم وترفع الخبر غالبا، ثم رأوها في بعض المواضع لا تسير هذا السير مع الوثوق بصحة ما ورد نحو:
Bilinmeyen sayfa