Shawqi: Kırk Yıl Süren Dostluk
شوقي: صداقة أربعين سنة
Türler
لما انقضى غنى على النسرين
ولكني أرى مثل شوقي جديرا كلما مضت عليه السنون بأن يزداد حياة في النفوس، ويعظم قدرا في الصدور؛ لأن الخلود إنما يكون لمثله وهل المتنبي اليوم أقل حياة بروحه مما كان في عصره وهو حي بجسمه؟ وهل صاحب الشوقيات التي شرقت وغربت وأحزنت وأطربت ورواها الحادي والعادي وامتلأت بها الحواضر والبوادي يجوز أن ينساه ناطق بالضاد، أو يزهد فيه ضارب من الأدب بسهم ولو في برك الغماد؟!
وقد كنت لما فجع الأدب العربي بطي هذه الصحيفة البشرية العبقرية التي يقال لها: أحمد شوقي، وعدت بأن أنشر عنه وعن ذكرياتي معه كتابا أسميه «شوقي أو صداقة أربعين سنة» وحالت الأشغال والأسفار وما يتقاذفني من عوامل الأقدار دون إخراج هذا الكتاب الذي لا يزال يحك في صدري، ولما مررت على فلسطين في هذا الصيف قافلا من جزيرة العرب وتلاقيت مع صديقي سراج العرب وطراز الأدب الأستاذ إسعاف النشاشيبي، حفظه الله، وهو من عشاق أدب شوقي والمولعين بحفظ آثاره وإحياء تذكاره، استنجزني ما كان من وعدي من وضع هذه الرسالة الشوقية، ولما اعتذرت له بما أنا فيه من مشاغل ومشادة أجابني: إن الأليق بوفائك والأخلق بأخلاقك هو أن تقدم هذه الرسالة على غيرها من الرسائل، وأن تبادر بإنجاز وعد وعدته صريحا في حق صديقك وأخيك الذي ذكره عندك مقدس وقدره لديك مرجب، فوجدت كلامه في محله، وعولت على ألا أماطل في هذا الدين الذي يجب إيفاؤه لأهله.
زيارتي الأولى لمصر
سنة 1890 كانت أول قدمة لي إلى مصر وكنت بين العشرين والواحدة والعشرين من العمر فمكثت شيع شهر في الإسكندرية، ثم جئت إلى مصر وكان أكثر اجتماعنا ذلك الوقت بأستاذنا الإمام الشيخ محمد عبده وبرهطه المعهودين؛ سعد أفندي زغلول وأخيه فتحي، والشيخ علي الليثي والشيخ عبد الكريم سلمان وإبراهيم أفندي اللقاني وحفني أفندي ناصف، والسيد أحمد محمود من الرحمانية، والسيد إبراهيم الوكيل من دمنهور، والشيخ علي يوسف لأول ظهور «المؤيد»، وأحمد زكي باشا الذي هو خاتمة من أتذكره من رجال تلك الحلقة، رحمهم الله أجمع. وكانت اجتماعاتنا متواصلة وأسمارنا متطاولة ومذاكراتنا للقاصي والداني شاملة، ولكننا لم نكن نسمع في ذلك الوقت بشخص يقال له «شوقي» ولا أحسسنا له ركزا.
ولما برحت مصر كان المرحوم الخديوي توفيق في الإسكندرية، فقال لي أستاذنا الشيخ محمد عبده: إنه لا يكون خطأ، إذا ذهبت إلى سراي رأس التين وودعت الجناب العالي الخديوي، ونظمت له بعض الأبيات؛ لأن من عادة الشعراء أن يتحفوا بشعرهم الملوك. وكان الأستاذ - رحمه الله - لا يرغبني في الشعر، وما عهدته أوصاني بنظم شيء إلا مرتين لا غير؛ إحداهما عندما طبعت ديواني المسمى «الباكورة»، وهو مجموع ما نظمته من سن الرابعة عشرة إلى السابعة عشرة من العمر، فلما اطلع عليه في بيروت قال لي لأبعث منه بنسخة إلى المرحوم عبد الله باشا فكري، وكان من أعز أصدقائه، وأن أبعث مع النسخة بأبيات تناسب المقام؛ فأرسلت نسخة من الباكورة إلى عبد الله باشا ومعها أبيات لا أتذكرها جميعا، وليست عندي الآن صورتها، وإنما أذكر منها ما يلي:
بذذت الناس في نظم ونثر
وفقت الخلق من بدو وحضر
فكيف يقوم عندك نزر شعر
يذيب الرعب منه كل شطر
Bilinmeyen sayfa