Shawqi: Kırk Yıl Süren Dostluk
شوقي: صداقة أربعين سنة
Türler
ثم قال:
كانت وفاة والدي من نحو ثلاث سنوات، فكان لي عجبا أن وجدت بين أوراقه شيئا كثيرا من مشتت منظومي ومنثوري ما نشر منهما وما لم ينشر، قد كتب بعضه بالحبر والبعض الآخر بالرصاص، والكل خط يد المرحوم، وقد لفه في ورقة كتبت عليها هذه العبارة: «هذا ما تيسر لي جمعه من أقوال ولدي أحمد وهو يطلب العلم في أوروبا؛ فكنت كأني أراه، وأني آمره أن يجمعه ثم ينشره للناس؛ لأنه لا يجد بعدي من يعتني بشئونه، وربما لم يوجد بعده من يعنى بالشعر والآداب.» فبينما أنا ذات يوم تعب بهذه الأوراق حيران لوصية الوالد كيف أجريها زارني صديقي مصطفى بك رفعت، فحدثته حديثي فسألني أن أعيره الأوراق أياما ثم يعيدها إلي ففعلت، ثم لم يمض شهر حتى بعث بها إلي وإذا هي قد نسخت بقلم مليح يؤيده ذوق صحيح؛ بحيث لم يبق إلا أن تدفع إلى المطابع، فأخذتها وبودي لو وفيت صديقي المشار إليه حقه من شكر الصنيع، وأنا أقول في نفسي: لئن صدق أبي في الأولى لقد ظلم في الثانية؛ فإن الخير لا يزال في الناس.
انتهى كلام شوقي، وأنا أزيد على ذلك أن والد شوقي - رحمهما الله - قد أفرط في التشاؤم؛ فإن نابغة مثل ولده لا يمكن أن يهمل وأن يعدم من يعتني بشئونه، وإن لم يكن للمرء من يحنو عليه حنو والده فكم قام الأدب مقام الوالد، وقد قيل:
إن فاتنا نسب يؤلف بيننا
أدب أقمناه مقام الوالد
وهذه الأبيات وتلك القصائد التي كان منها ما هو مكتوب بالحبر، وما هو مكتوب بالرصاص جاء وقت نسخها فيه ناسخ بخط مليح، ثم جاء وقت آخر يقال فيه: إن هذه القصائد التي كتبت بالحبر جديرة بأن تكتب بماء التبر. وهكذا رجال الدهر تنمو أقدارهم بطول الدهر.
صداقة ومكاتبات
وأعود إلى ما قاله شوقي من أنه تفرق جسمي وجسمه ولم يتفرق الضمير والخاطر؛ فقد صدق في هذه الأبيات وأحسن الشعر ما حكى الحال؛ فقد كرعنا من الوفاء بنمير، وتفارقنا ولم يتفارق خاطر وضمير، وبقينا أكتب له ويكتب لي وأبثه ما في نفسي ويبثني ما في نفسه وأداعبه ويداعبني ونتناجى على بعد الديار، ونتراءى بالقلوب لا بالأبصار، وكنت لا أجد أعز علي ولا أغلى لدي منه مع كثرة الأصحاب ووفرة الأتراب، وهذا ما ترجمه هو بقوله:
صحبت شكيبا صحبة لم يفز بها
سواي على أن الصحاب كثير
Bilinmeyen sayfa