Shawqi: Kırk Yıl Süren Dostluk
شوقي: صداقة أربعين سنة
Türler
لولا حنين النفس، وهو علاقة الحب، لصبرت على المكاتبة هنيهة مخافة الإملال، ولكني راجعت النفس فأبت علي زاعمة أن الإغباب يكون في الزيارة لا في الكتابة، وبعد، فقد تلقيت اليوم ما تفضلتم به علي بيد ترعد فرحا وفؤاد يهتز مرحا، وما عساي أن أقول في نظم لو وصفته لقلت سحرا، ونثر لو وردت شرعته لكان بحرا، إنها وايم الله منة لا يقوم بها الشكر ولا يتدرج إلى معروفها النكر، كيف لا وقد أضاءت علي غيابة الوحشة، وسرت عني ضبابة الحسرة، فالحمد لله الذي صدق ظني، وحقق أملي، فإني منذ طالعت آثار قلمكم في جريدة الأهرام شعرت بميل في النفس إليكم ونزاع منها إلى التعارف بكم، ثم لم ألبث أن رأيت بها تعريضا خفيا سمعت منه هاتفا روحانيا يدعوني إليكم، فحدثت نفسي بمد أسلاك المراسلة لتبادل كهرباءة المودة معكم، ولكني راعيت الحال فأمسكت على مضض حتى سمعت هاتفا آخر يدعوني باسمي صراحا فلم أتمالك أن لبيت دعوته، فتم الأمل بتعارف الأرواح قبل تقارب الأشباح، هذا ما كنت أجده في نفسي أذكره لكم على سبيل الغرابة، وسأكتب بعد هذا إن شاء الله، فاقبلوا تحية فؤادي وخالص ودادي ودمتم.
الداعي محمود سامي
إن هذه الحالة التي وقعت بيني وبين محمود سامي هي تصداق الحديث: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.»
وبالجملة فبينما أنا كنت أروي قصائده ولا أروي ظمأ فؤادي إلا بالتعارف معه، كان هو يشعر بميل خاص إلى كاتب تلك المقالات في الأهرام قبل أن يعرفه بل بمجرد التجاذب الروحي والتعارف الغيبي وبسائق تلاؤم الأشكال الذي قرر الحكماء أنه منشأ الحب بين الخلق، ثم إنه رآني أستشهد بشعره ولكن بغير تصريح باسمه فكاد يجاذبني حبل المراسلة إلا أنه توقف قليلا ثم رآني أصرح باسمه وأقول إنه أمير الشعراء فلم يملك نفسه بعد ذلك عن البديئة بالخطاب والإسراف في الثناء فأرسل إلي بتلك الأبيات الميمية، وإلى هذا المعنى الأخير أشار بقوله:
فأما وقد حق الجزاء فلم أكن
لأنطق إلا بالثناء المنمنم
ويوم وصفت محمود سامي بقولي: إنه «أمير الشعراء» لم يكن شوقي قد طارت شهرته إلى أن صار يزاحمه على هذا الاسم، ولا كنت أنا أجمجم عن شوقي أني أعد محمود سامي أبا الشعراء في وقته، ولا كان قد جاء الدور الذي أصبح شوقي يرى نفسه فيه الجواد المبر على الجميع، والفذ الذي تأخذه النخوة على نظرائه، ولا يرى فيه أحدا من أكفائه، بل كنت، ما دام البارودي حيا، أول من بايعه بالإمامة، ولم يضع أحدا أمامه إلى أن مضى لسبيله، فكان من جملة ما رثيته به قولي:
كان الأوائل في الأنظار معجزة
حتى أتى فثأى من جد من قدما
لو كان في الزمن الماضي وعاصره
Bilinmeyen sayfa