وانظر إلى الحاكم المسلط الذي ينظر إلى الناس ازدراء، ويأمر فيهم وينهى عتوا وعلوا، انظر إليه حين تأخذه سورة القانون وقد ارتكب ما يؤاخذ عليه القانون، انظر إليه في هوانه وصغاره وضراعته واستكانته، تعلم فرق ما بين الاستقامة والاعوجاج والطاعة والمعصية. فاحذر المذلة يا بني، وقل: اللهم إني أعوذ بعز طاعتك من ذل معصيتك.
الإثنين 12 شعبان/29 مايو
الكريم يستحي من نفسه
تعرض سائل لأحد الأجواد فأعطاه كثيرا، فقيل له: هذا كثير والرجل لا يعرفك، قال: ولكني أعرف نفسي. ورحم الله شاعر الترك الحماسي نامق كمال، يقول:
إن من يستحي من الناس ولا يستحيي من نفسه يرى نفسه أخس الناس جميعا.
إن الدرجة العليا من كرم النفس أن يتجنب المرء الدنايا؛ ترفعا وتكبرا عنها وإن أمكنت وتهيأت في مأمن من العيون، وأن يحمل نفسه تكاليف المعالي ومشقات المروءة؛ حبا لها وطموحا إليها، بما يراها جديرة بنفسه، ويرى نفسه أهلا لها. لا يرجو من أحد جزاء ولا شكورا، ولا يبغي بها رياء ولا سمعة.
فهو يستحي من نفسه أكثر مما يستحي من غيره؛ أنفة من الصغائر، وعشقا للعظائم. ورحم الله شاعر العرب أبا الطيب يقول:
وترى الأبوة والمروءة والفتو
ة في كل مليحة ضراتها
هن الثلاث المانعاتي لذتي
Bilinmeyen sayfa