قوله تعالى (فمن يستمع الآن يجدْ له شهابًا رصدًا) ومنه قول علي ﵁ في الخضاب: كان ذلك والإسلامُ قُلٌّ، فأما الآن فقد اتسع نطاق الإسلام، فامرؤ وما اختار. وإذا ثبت هذا فقد يقال: الآن يكون كذا، يقصد التعبير بالآن عن المدة التي يقع الكون في بعضها، أو يقصد المبالغة في القرب، إلا أن هذا خلاف الظاهر.
وأما لام الابتداء فمُخلصةٌ للحال عند أكثرهم، وليس كما ظنوا، بل جائز أن يراد الاستقبال بالمقرون بها كقوله تعالى (وإن ربَّك ليحكمُ بينهم يومَ القيامة) و(إني لَيَحْزُنُني أن تذهبوا به) فيحزن مقرون بلام الابتداء وهو مستقبل، لأن فاعله الذهاب، وهو عند نطق يعقوب ﵇ بيحزن غير موجود، فلو أريد بيحزن الحال لزم سبق معنى الفعل لمعنى الفاعل في الوجود، وهو محال.
والأكثرون أيضا على أن النفي بليس وما وإنْ قرينة مخلصة للحال، مانعة من إرادة الاستقبال، وليس ذلك بلازم، بل الأكثر كون المنفي بها حالا، ولا يمتنع كونه مستقبلا، كما قال حسان في وصف الزبير ﵄:
وما مثلُه فيهم ولا كان قبله ... وليس يكونُ الدَّهرَ ما دام يَذْبُل
أي ما في هذا العصر مثله، ولا كان فيما مضى، ولا يكون فيما يستقبل، وهذا جلِيٌّ غير خفي، ومثله قولُ الآخر:
والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاقٌ وتأميلُ
1 / 22