Sharh Sahih Ibn Khuzaymah - Al-Rajhi
شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي
Türler
وجوب الوضوء من المذي
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر وجوب الوضوء من المذي.
وهو من الجنس الذي قد أعلمت أن الله قد يوجب الحكم في كتابه بشرط ويوجبه على لسان نبيه ﷺ بغير ذلك الشرط، إذ الله ﷿ لم يذكر في آية الوضوء المذي، والنبي ﷺ قد أوجب الوضوء من المذي، واتفق علماء الأنصار قديمًا وحديثًا على إيجاب الوضوء من المذي].
إن المذي نجس بلا شك، وهو مثل البول، لكن نجاسته مخففة ويكفي فيها النضح، بخلاف البول.
والمذي أيضًا لابد من غسله، مع غسل الذكر والخصيتين، كما جاء في الحديث: (اغسل ذكرك وأنثييك)، بخلاف البول فإنه يغسل رأس الذكر، أما المذي فإنه يغسل معه الذكر والخصيتان حتى يتقلص الخارج؛ لأنهما ربما تنجسا عند خروجه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن منيع ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن هشام وفضالة بن الفضل الكوفي قالوا: حدثنا أبو بكر بن عياش قال أحمد بن منيع: حدثنا أبو حصين، وقال الآخرون: عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب ﵁ قال: (كنت رجلًا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله ﷺ؛ لأن ابنته كانت عندي، فأمرت رجلًا فسأله، فقال: منه الوضوء)].
هذا الحديث رواه البخاري، وفيه أن المذي ينقض الوضوء كالبول؛ لأنه نجس، والحديث الآخر (اغسل ذكرك وأنثييك).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا بشر بن خالد العسكري أخبرنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت سليمان -وهو الأعمش - يحدث عن منذر الثوري عن محمد بن علي عن علي ﵁ قال: (استحييت أن أسأل رسول الله ﷺ عن المذي؛ من أجل فاطمة، فأمرت المقداد بن الأسود فسأل عن ذلك النبي ﷺ، وقال: فيه الوضوء)].
وهذا الحديث رواه مسلم.
وكان ابن خزيمة يخرج الأحاديث بالطرق، والإسناد الأول هو للبخاري أخرجه من طريق أبي حصين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن حجر السعدي وبشر بن معاذ العقدي قالا: حدثنا عبيدة بن حميد قال علي: حدثني، وقال بشر: حدثنا الركين بن الربيع بن عميلة عن حصين بن قبيصة عن علي بن أبي طالب ﵁ قال: (كنت رجلًا مذاء فجعلت أغتسل في الشتاء حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي ﷺ -أو ذكر له- فقال لي: لا تفعل، إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا أنضحت الماء فاغتسل)].
وهذا فيه دليل على أن المذي لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء.
والربيع بن عميلة بفتح مهملة البزاري الكوفي، ثقة من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين.
وهذا الحديث إسناده صحيح، وأشار الحافظ إلى هذه الرواية.
[قال أبو بكر قوله: "لا تفعل" من الجنس الذي أقول لفظ زجر، يريد نفي إيجاب ذلك الفعل].
2 / 8