وأمانه وإخراجه من الظلمات إلى النور، وحفظه من قطاع طريقه في السلوك هو الله، كما قال تعالى:{الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}(البقرة:257). فالسالك في سلوكه بقدم المعرفة إلى الله بمنزلة مسافر يسافر في الطريق الموحش المظلم إلى حبيبه، والشيطان قاطع الطريق في هذا المسلك، والله تعالى هو الحافظ باسمه الجامع المحيط. فلا بد للداعي والسالك من التوسل والتضرع إلى حافظه ومربيه بقوله: اللهم أو يا الله. وهذا سر تصدر اكثر الأدعية به، وإن كان المتمسك بساير الأسماء الإلهية أيضا حسن بنظر آخر، وهو استهلاك التعينات الأسمائية والصفاتية في أحدية الجمع على ما سيجيء في سر الرجوع عن إثبات الأفضلية في فقرات الدعاء إلى قوله "وكل بهائك بهي" إلى غير ذلك.
"إني" لم يكن هذا في الحقيقه إثبات الأنانيه، لأن الأنانيه تنافي السؤال، والداعي يقول: إني أسئلك. وهذا نظير قوله تعالى:{أنتم الفقراء إلى الله} (فاطر:15)، مع أن أنتمية السوائيه مدار الإستغناء لا الفقر. فما كان منافيا لمقام السالك إلى الله تعالى إثبات الإستقلال والإستغناء كتسمية أنتم في قوله تعالى: "إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم". وأما إثبات الأنانية في مقام التذلل وإظهار الفقر فليس مذموما، بل ليس من إثبات الأنانيه. نظير أنتم في قوله: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}(فاطر:15). بل حفظ مقام المعبوديه والتوجه إلى الفقر والفاقه إن كان في الصحو الثاني فهو من أتم مراتب الإنسانيه. المشار إليه بقوله صلى الله عليه وآله على ما حكى " كان أخي موسى عليه السلام عينه اليمنى عمياء وأخي عيسى عينه اليسرى عمياء وأنا ذو العينين " فحفظ مقام الكثرة في الوحده في الكثرة لم يتيسر لأحد من الأنبياء المرسلين إلا لخاتمهم بالأصاله وأوصيائه بالتبعيه، صلى الله عليهم أجمعين.
"أسئلك"، السؤال بلسان الإستعداد غير مردود ودعائه مقبول مستجاب، لأن الفاعل تام وفوق التمام والفيض كامل وفوق الكمال، وعدم ظهور الفيض وإفاضته من قبل نقصان الإستعداد. فإذا استعد القابل لقبوله فيفيض عليه من الخزائن التي لاتنتهي ولا تنفذ ومن المعادن التي لاتنتهي ولاتنقص. فينبغي للداعي أن يبالغ في تنزيه باطنه وتخلية قلبه من الأرجاس والملكات الرذيله يسري دعاء قاله إلى حاله وحاله إلى استعداده وعلنه إلى سره ليستجاب دعاه ويصل إلى مناه. فاجتهد لأن يكون سرك داعيا وباطنك طالبا حتى ينفتح على قلبك أبواب الملكوت. وينكشف على سرك أسرار الجبروت. ويجري فلك ***39]
Sayfa 38