144

Şerhu Akîdetü’t-Tahâviyye

شرح العقيدة الطحاوية

Araştırmacı

أحمد شاكر

Yayıncı

وزارة الشؤون الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ إَِنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ: هَلْ سَمِعَ مُوسَى ﵇ جَمِيعَ الْمَعْنَى أَوْ بَعْضَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: سَمِعَهُ كُلَّهُ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيعَ كَلَامِ اللَّهِ وَفَسَادُ هَذَا ظَاهِرٌ. وَإِنْ قَالَ: بَعْضَهُ، فَقَدْ قَالَ يَتَبَعَّضُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ أَوْ أَنْزَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِ.
وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (١). وَلَمَّا قَالَ لَهُمْ. ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ (٢). وَأَمْثَالُ ذَلِكَ: هَلْ هَذَا جَمِيعُ كَلَامِهِ أَوْ بَعْضُهُ؟ فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ جَمِيعُهُ (٣)، فَهَذَا مُكَابَرَةٌ، وَإِنْ قَالَ: بَعْضُهُ، فَقَدِ اعْتَرَفَ بِتَعَدُّدِهِ.
وَلِلنَّاسِ فِي مُسَمَّى الْكَلَامِ وَالْقَوْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ: أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، كَمَا يَتَنَاوَلُ لَفْظُ الْإِنْسَانِ الرُّوحَ وَالْبَدَنَ مَعًا، وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ.
الثَّانِي: اسْمٌ لِلَفْظٍ فَقَطْ، وَالْمَعْنَى لَيْسَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ، بَلْ هُوَ مَدْلُولُ مُسَمَّاهُ، وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَعْنَى فَقَطْ، وَإِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّفْظِ مَجَازٌ، لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِلَابٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْكِلَابِيَّةِ، وَلَهُمْ قَوْلٌ خَامِسٌ (٤) يُرْوَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، أَنَّهُ مَجَازٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ، حَقِيقَةٌ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ لِأَنَّ حُرُوفَ الْآدَمِيِّينَ تَقُومُ بِهِمْ، فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ قَائِمًا بِغَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ، بِخِلَافِ كَلَامِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ عِنْدَهُ بِاللَّهِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَهُ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْأَخْطَلِ:
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا: فَاسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ. وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ بِحَدِيثٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَقَالُوا

(١) سورة الْبَقَرَةِ آية ٣٠.
(٢) سورة الْبَقَرَةِ آية ٣٤.
(٣) في المطبوعة (جميع) بدون الضمير. وإثباته أجود.
(٤) في المطبوعة (ثالث)، وقد سبقه أربعة، فهو خامس.

1 / 147