============================================================
حكاية شريفة توجب القلع عن هذه القاعدة القائلة بوجوب الأصلح على الله سبحاته: قال أبو الحسن الأشعري لأستاذه أبو علي الجبائي: ما تقول في ثلاثة إخوة عاش أحدهم في الطاعة وأحدهم في المعصية ومات آحدهم صغيرا؟
-فقال: يثاب الأول بالجنة، ويعاقب الثاني بالنار، والثالث لا يثاب ولا يعاقب.
قال الأشعري: فإن قال الثالث: يا رب! لو عمرتني فأصلح فأدخل الجنة كما دخلها أخي المؤمن؟
قال الجبائي: يقول الرب: كنت أعلم أنك لو عمرت لفسقت وأفسدت فدخلت النار: قال: فيقول الثاني: لم لم تمتني صغيرا لئلا أذنب فلا أدخل النار كما امت اخي!؟
فبهت الجبائي، فترك الأشعري مذهبه إلى المذهب الحق الذي كان عليه السلف الصالح، وكان هذا أول ما خالف فيه المعتزلة، ثم اشتغل هو من تبعه بهدم قواعدهم وتشييد مباني الحق على ما ورد به السنة ومضى عليه الجماعة، فسموا أهل السنة والجماعة.
(والعوض قلى الاتوم)؛ اي: ولا يجب على الله العوض على الآلام لأنه من أنواع اللطف، وقد مر أنه لا يجب عليه.
وقالت المعتزلة: الألم إن وقع جزاء لما صدر من العبد من سببه كألم الحد لم يجب على الله عوضه، وإلا فإن كان الايلام من الله وجب العوض عليه، وإن كان من مكلف آخر فإن كان له حسنات أخذ من حسناته وأعطى المجني عليه عوضا لايلامه له، وإن لم يكن له حسنات وجب على الله إما صرف المؤلم عن إيلامه، أو تعويضه من عنده بما يوازي إيلامه. ولهم على هذا اختلافات ركيكة شاهدة بفساده كما ذكره المصنف في "المواقف".
Sayfa 67