============================================================
تركفى ولكن انظر إلى الجبل فإن أستقر مكانه فسوف تركنى} [الأعراف: 143]، والاحتجاخ به من وجهين: الأول: أن موسى ا سأل الرؤية، ولو امتنعت لما سأل؛ لأنه حينئذ إما أن يعلم امتناعه أو يجهله: فإن علمه فالعاقل لا يطلب المحال؛ لأنه عبث، وإن جهله فالجاهل بما يستحيل على الله لا يصلح للنبوة؛ إذ المقصود من البعثة هو الدعوة إلى العقائد الحقة والأعمال الصالحة، ولا ريب في نبوته لتلا؛ لأنه من أولي العزم من المرسلين.
الثاني: أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل، واستقرار الجبل أمر ممكن في نفسه، وما غلق على الممكن فمكن؛ لأن معناه الإخبار بثبوت المعلق عند ثبوت المعلق به، والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة: وأما العقل: فهو أتا نرى الأعراض؛ كالألوان والأضواء، ونرى الجواهر؛ كالطول والعرض في الجسم، ولا بد من علة مشتركة بينهما مصححة للرؤية بحيث تتحقق بتحققها وتنتفي بانتفائها، وهي الوجوذ أو الحدوث؛ لأن الإمكان لا يصح أن يكون علة للرؤية؛ لأن متعلق الرؤية هو ما يختص بالموجود، ولا يصح رؤية المعدوم، والإمكان ليس كذلك لشموله الموجود والمعدوم لكن الحدوث لا يصلح أن يكون علة لصحة الرؤية؛ لأنه عبارة عن الوجود مع اعتبار عدم سابق، والعدم لا يصلح أن يكون جزء العلة، فلم يبق إلا الوجود، وهو مشترك بينهما(1) وبين الواجب، وعلة صحة الرؤية محققة في حق الله تعالى، فتتحقق صحة الرؤية.
وهذا الدليل يوجب صحة رؤية كل موجود؛ كالأصوات والروائح وغيرها، ولا يلزم من صحة الرؤية لشيء تحقق الرؤية له، وإنما لا يرى أمثال هذه الأشياء لجريان العادة من الله تعالى بذلك، ولا يمتنع أن يخلق فينا (1) أي: الجواهر والأعراض.
ثاي افرخ العقايد العضديةا94-11/96312011/1/24:
Sayfa 57