Seerah of the Noble Companion Mus'ab ibn Umair
سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير ﵁ -
Yayıncı
دار الأوراق الثقافية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٥ هـ
Türler
ذلك الوقت؛ لذلك أرسله النبي ﷺ إلى المدينة مع من أسلم من الأنصار ليقرأ عليهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم، وذلك في هجرته الأولى إلى المدينة.
المبحث الثاني: عذابه وابتلاؤه وصبره ﵁ -:
ومما كان ظاهرًا في مكة، الترصد لأتباع النبي ﷺ، لذلك بصر عثمان بن طلحة بمصعب بن عمير ﵁ وهو يصلي، فأخبر أمه وقومه لتبدأ مرحلة جديدة من العذاب والنكال، فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى (١). وقد خرجت أمه حين علمت بإسلامه ناشرةً شعرها، وقالت: لا ألبس خِمارًا، ولا أستظلُّ، ولا أدَّهنُ ولا آكلُ طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى تدع ما أنت عليه، فقال أخوه أبو عزيز بن عمير: يا أمه دعيني وإياه فإنه غلام عاف ولو أصابه بعض الجوع لترك ما هو عليه، ثم أخذه وحبسه (٢).
ولقد مر بمصعب ﵁ ألوانٌ من العذاب كغيره من الصحابة ﵃ بل أشد؛ وذلك لفارق ما كان عليه في الجاهلية وما وقع عليه بعد إسلامه، فالأم التي كان لا يشغل بالها إلا ابنها من فرط حبها له، أصبحت معولًا هدامًا لذلك الجسم المنعم، فلا تتردد في تعذيبه، وحرمانه مما كان عليه سابقًا، بل كانت تعين قومه
_________
(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى،٣/ ١١٧.
ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب،٤/ ١٤٧٤.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة،٥/ ١٧٥.
(٢) البلاذري: جمل من أنساب الأشراف،٩/ ٤٠٦. وغلام عاف أي: وافر اللحم. الخطابي: غريب الحديث، ٢/ ٢٩٣.
1 / 24