71

واسترسلت تتهكم كأنما سألت نفسها وهي تسأله: أأرضي زوجا؟ ألا ليت هذا كل ما يعنيني! ... إذن لأكلت قنطارا من الأرز والزبدة كل يوم!

واجتازت النقلة بين إرضاء الزوج وقصة الزواج في جملة أو جملتين، ثم انقضى نصف ساعة علم فيه همام صفوة ما أرادت أن يعلم، فلو سأله سائل: أصدقها في جميع قولها؟ أعذرها في جميع فعلها؟ لكان من الصعب عليه أن يجيب بالإيجاب.

بيد أنه أدرك مما سمع أنها طفلة فقدت رحمة الأمومة، ونمت وهي لا تعرف إلا جماح الحيوية العارمة لا تمسكها هداية أم ولا تقوى على حبسها التقاليد الضعاف، مع ذلك الذكاء الوقاد الذي لا تخفى عليه خافية الموانع والمحظورات، وأنها لو سيقت إلى زوج «يملأ عينها» ويحقق معنى الرجولة في رأيها وعاطفتها لاستقرت بعض الاستقرار وقنعت بعض القنوع، ولكنها أخطأت حظها من الزواج، وبرمت بفراغ قلبها فلم تعذر الدنيا، والتمست لقلبها وحده جميع الأعذار.

قالت وقد سردت له قصتها: أصغرت الآن في نظرك؟

قال: أمني تطلبين الحكم؟ أنا حاكم مغرض فلا تنفعك الشهادة مني، غير أني أقول إن الذين ينصفونك في الدنيا قليلون.

قالت: لا حاجة بي إلى إنصاف الدنيا، فلتحفظه لمن يطلبونه. •••

ولقد رجعا من الحديقة إلى الجيزة مشيا على الأقدام، لم يتعبا ولم يشكوا طول الطريق، وجاء الترام فركبت في مقصورة النساء وركب مع الرجال.

وكان الموعد الثاني في بيت همام.

أيام

أجل، هي فتاتي لا مراء فيها.

Bilinmeyen sayfa