والثاني: أنه لم يكفره بتركها، وأنه ذهب إلى أن الله ﷿ إنما فرض أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم، فإذا تركها حتى ذهب وقتها فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه فيه، فإذا أتى به بعد ذلك فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه فيه فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور به عن المأمور به، وهذا مستنكر في النظر لولا أن العلماء قد أجمعت على خلافه. قال: ومن ذهب إلى هذا قال في الناسي للصلاة حتى يذهب وقتها وفي النائم أيضا لو لم يأت الخبر عن النبي ﷺ أنه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ". وذكر أنه نام عن صلاة الغداة فقضاها بعد ذهاب الوقت لما وجب عليه في النظر قضاؤها أيضا فلما جاء الخبر عن النبي ﷺ بذلك وجب عليه قضاؤها وبطل حظ النظر، فقد نقل محمد الخلاف صريحا وظن أن الأمة أجمعت على خلافه، وهذا يحتمل معنيين: أحدهما: أنه يرى أن الإجماع ينعقد بعد الخلاف.
والثاني: أنه لايرى خلاف الواحد قادحا في الإجماع، وفي المسألتين نزاع معروف.
وأما قوله إن القياس يقتضي أن لا يقتضي النائم والناسي لولا الخبر فليس كما زعمتم لأن وقت النائم والناسي هو وقت ذكره وانتباهه لا وقت له غير ذلك كما تقدم والله أعلم.
وأما قولكم إن الكافة نقلت: والأمة اجمعت أن من لم يصم شهر رمضان أشرا وبطرا أن عليه قضاءه، فأين النقل بذلك إذا جاء عن أصحاب رسول الله ﷺ وقد روى عنه أهل السنن والإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة: "من أفطر يوما من رمضان من غير عذر لم يقضه عنه صيام الدهر وإن صامه". فهذه الرواية المعروفة فأين الرواية عنه أو عن أصحابه: من أفطر رمضان أو بعضه أجزأ عنه أن يصوم مثله، وأما قولكم: إن الصلاة والصيام دين ثابت يؤدى أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لهما لقول رسول الله ﷺ: "دين الله أحق أن يقضي". فنقول: هذا الدليل مبني على مقدمتين:
1 / 87