قال: «أطال الله عمر أمير المؤمنين. إن الرجل لا يرجو أن يتولى الملك ولكنه يحب أن يتمتع بولاية العهد فقط على ما يظهر.»
فأطرق الخليفة وهو يعمل فكره، والتردد ظاهر في عينيه، ثم رفع بصره إلى الجليس وقال: «وما رأيك؟» قال: «إذا أذن لي مولاي فإني أرى أن يوليه الولاية ويشترط في عقدها أن تكون بعده إلى نجلكم سيدي الحامد لله الأمير داود ولي العهد الحقيقي، فإذا استطاع إنقاذنا من هذا الكردي وإعادة النفوذ إلى مولاي أمير المؤمنين فإنه يكون قد استطاع عملا لم يستطعه سواه، وتكون ولاية العهد ترضية معنوية له.» •••
ولحظت سيدة الملك أن أخاها أوشك أن يقبل، وظهر لها من خلال حديثه أنه راض أن يزوجها به وهي لا تقدر أن تتصوره ، بل هي تكرهه كرها شديدا لغير سبب سوى الشعور الذاتي. فإنها تتصور فيه الخبث والخيانة، ثم هي منصفة لا ترى صلاح الدين يستحق القتل لأنه لم يعمل عملا يستوجب ذلك، وإنما هي نعرة السيادة تحمل طلابها على انتحال الأسباب الباطلة. فنظرت إلى أخيها وقالت: «تريد أن تقتل صلاح الدين وتستبدل به أبا الحسن هذا؟»
قال: «لا. لكنه إذا استطاع قتله سميته ولي العهد.»
قالت: «وماذا تفعل بداود ابنك؟»
قال: «يكون وليا للعهد بعده.»
قالت: «ولماذا هذا العمل. ولماذا تريد التخلص من صلاح الدين. وترتكب كل هذه الآثام والأخطار في سبيل قتله. ماذا فعل؟»
قال: «تسألينني عما فعله كأنك لا تعلمينه؟»
قالت: «ربما كنت أعلمه، لكنني أحب أن أسمع ذلك من أمير المؤمنين.»
قال: «إنه جعل كل النفوذ له ولم يبق لي من السيادة غير الاسم.»
Bilinmeyen sayfa