واحتج من قال بالأول: بأن كل واحد من الأمرين لو انفرد لأفاد مأمورا غير الأول، فإذا اجتمعا لم تتغير فائدتهما، وهذا له وجه.
والذي نختاره: مثل قول شيخنا، ونحمل فائدة التكرار على تأكيد إلزام الفعل كما نعلمه من أهل اللغة أن قائلهم قد يقول: افعل افعل، وأكثر من ذلك ولا يريد به إلا مأمورا واحدا، ومعاني الخطاب لم تؤخذ إلا منهم؛ لأن اللسان لسانهم.
مسألة:[الكلام في الأمرين إذا عطف أحدهما على صاحبه]
إذا عطف أحد الأمرين على صاحبه؛ فلا يخلو الحال فيه من ثلاثة أوجه:
أولها: أن يفيد الثاني مثل ما أفاد الأول من غير زيادة ولا نقصان، فالواجب حمله على مراد ثان لاستحالة عطف الشيء على نفسه، ومثاله: أن يقول: أقم الصلاة اليوم وأقم الصلاة غدا.
وثانيها: أن يفيد غير ما أفاده الأول في شرطه وصفته، فلا خلاف في أنه يجب حمله على مقتضاه.
وثالثها: أن يفيد بعض ما دخل تحت الأول، فالواجب أن يحمل الثاني على أنه أراد به غير البعض الذي دخل تحت الأول. ومن الناس من يخالف في ذلك(1).
والذي يدل على صحة ما قلناه: أن من حق المعطوف أن يقتضي غير ما يقتضيه المعطوف عليه، وذلك ظاهر في اللغة كما أن أحدنا إذا قال: رأيت الزيدين وزيدا، علمنا أن زيدا الثاني غير الزيدين الأولين، ولهذا يصح أن يقول: زيد بن عبدالله، وزيد بن عمرو، وزيد بن خالد، ولو فسر زيد الثاني بأحد الزيدين الأولين كان ذلك خلفا من الكلام، والأمر والخبر في ذلك سواء، كما إذا قال لخادمه: احمل عودين وعودا، لم يخرج عن عهدة الأمر بحمل عودين، فصح بما قدمنا حمل ذلك على مأمورين.
Sayfa 58