Seçkin Seçim Usulü Fıkıh
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Türler
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه في ذلك: أنه قد ثبت من جهة العقل والعرف والدلالة الظاهرة من جملة الشرع أن الأمر الوارد على غير التوقيت والتحديد لا يتوهم استمراره مطلقا، فكيف باعتقاد ينتج عن نظر واستدلال؟
وإنما قلنا ذلك لأنا نعلم أن المصلحة يجوز تغييرها بتغاير الأشخاص والأوقات، كما قدمنا، وهذا يمنع من تصور اعتقاد دوامها على وجه الإستمرار، ولأنا نعلم زوالها بالعجز والموت فهذا من جهة العقل.
وأما من جهة العرف: فقد علمنا من حال الآمر أنه إذا أمرنا بأمر من الأمور مطلقا أن ذلك الأمر يجب تكريره ما دام غرضه باقيا، فإذا علم زوال الغرض في الجواز علم زوال الإستمرار في الوهم، وبهذا إذا قال القائل: أكرم زيدا، ثم أقام يوما أو يومين فقال: لا تكرم زيدا لم يعد مناقضا بل يعلم زوال غرضه لا غير وذلك ظاهر.
وأما من جهة الشرع: فدلالته على ما قلناه أظهر وأكثر؛ لأنه بجملته ناسخ لما تقدمه من الشرائع، فكيف يجوز من علم أنه ناسخ لشرع اعتقاد وجوب استمراره مع ذلك وهو شرع؟ ولم يجز نسخه لما قبله إلا لزوال المصلحة، ومن علم أن المصلحة إذا زالت جاز النسخ منعه هذا العلم من اعتقاد دوام الأمر المطلق، فإذا الواجب عليه في الأمر المطلق أن يعتقد وجوب دوامه بإدامت المصلحة فيعلقه به، وهذا يخرجه عن الجهل الذي جوز عليه اعتقاده.
مسألة:[الكلام في الأمر إذا قيد بالتأبيد هل يجوز عليه ورود
النسخ أم لا؟]
ذهب بعض المتكلمين إلى أن الأمر إذا قيد بالتأبيد أفاد التأبيد واقتضى دوامه ولم يجز ورود النسخ عليه.
وذهب أكثر العلماء إلى أنه لا فرق بين الأمر المطلق والمقيد بالتأبيد في جواز ورود النسخ عليه، وهو الذي نختاره.
وذهب شيخنا رحمه الله إلى أن الأمر المقيد بالتأبيد إذا قارنه تنبيه يؤذن بنسخه جاز ورود النسخ عليه، وإن لم يقترن به لم يجز، وحكى ذلك عن الشيخ أبي الحسين البصري على نحو ما قدمنا أولا.
Sayfa 145