Ruh Cazim Mahatma Ghandi
روح عظيم المهاتما غاندي
Türler
والطبيعة تعلمنا ذلك كل يوم وتعلمنا إياه في ولادة كل مولود.
فكل أب وكل أم يسهران الليل ويشقيان بالنهار لحفظ النوع وتربية الأطفال، ولكن قل أن يعيش طفل في هذه الدنيا لو قيل للآباء والأمهات: إنكم تحفظون النوع وتعملون لغير أنفسكم، ولم تعطهم الغريزة سرورا وغبطة تختلج بها الأجساد، إذ يحتملون هذه التضحية من أجل بقاء الحياة لأحفاد لا يرونهم بعد مئات السنين، وألوف السنين.
وهكذا تساق الإنسانية إلى التعاون بين أبنائها والتضامن بين أقويائها وضعفائها، يطمع هذا في السيادة على الدنيا، وينبري هذا للدفاع عن حياته، فلا يسود هذا ولا يدافع هذا عن حياته وكفى، بل يعملان معا للوحدة الإنسانية في أوانها المقدور ...
ومن طريق الحروب ومخترعات الحضارة تقاربت الأمم واشتركت في هذه الوحدة الإنسانية فاشتبكت بينها المواصلات والمعاملات، وبلغ من تقارب الكرة الأرضية ما لم يبلغه في عصر من العصور: ينطق القائل بالكلمة فإذا هي مسموعة بعد هنيهة على مسافة الألوف من الفراسخ، كأنما القائل والسامع يجلسان في حجرة واحدة، ويقع الحادث في الصباح فلا يعود صباح بعده حتى يملأ خبره ما تملأه الشمس من الأرضين والبحار، وتهم الدولة القوية بعمل من الأعمال فتنظر إلى أصغر دولة في أقصى الأرض لعلها تأبى ما تريده، ولعلها تقلب ميزان النصر في أزمة من أزمات النضال، فيتحول النصر من فريق إلى فريق.
من أين كنا نبلغ هذا لو أحجمنا عن الحضارة من مرحلتها الأولى؟
إننا أطعنا المادة غاية ما تطاع، حتى كشفنا عنها الستار فإذا هي نور.
وعلم الناس من خبر «القنبلة الذرية» أن المادة شعاع، وأن الشعاع «حسبة رياضية» تدركها العقول ولا تتوقف على كثافة الأجساد.
فعادت بنا المادة إلى عالم العقل المجرد، ولكن من طريق الإيغال فيها لا من طريق الإحجام عنها، أو من طريق الكفاح لا من طريق التسليم.
ذلك كله حق نلمسه الآن.
وذلك ما لم يدخله غاندي في حسابه، وهو يبشر بدعوته.
Bilinmeyen sayfa