فبحث الورثاء بحثا مستفيضا إثر هذه الإشاعة عن الصندوق دون أن يجدوه.
ثم تعاقبت الأيام على هذه الإشاعة فمحتها من الأذهان.
أما الورثاء فقد كانوا يعيشون عيشة بذخ ورخاء، لا سيما مدموازيل أورور فقد كانت بارعة الجمال مولعة في الصيد، وقد طالما تمنى الفتيان الأغنياء خطبتها غير أنهم كانوا يشيعون أن ابن عمها لوسيان سيخطبها فيتراجع الخطاب آسفين.
على أنه مع هذا النسب وهذا التقارب كان يوجد في العائلتين شبه انفصال، فإن لوسيان كان يزور منزل عمه وأورور كانت تزور منزل ابن عمها خلافا لوالدته ووالدها، فإنهما كانا لا يتزاوران على الإطلاق ويبالغ كل في اجتناب الآخر، فإذا التقيا اتفاقا حيا كل منهما الآخر ببرود كأنهما غريبان.
وما خلا ذلك فقد كانت العائلتان عائشتين بملء الرخاء والهناء، فإن لوسيان كان يدعو كثيرا من أصحابه إلى حفلات الصيد، فكان كثير البشاشة مطلق الوجه، تبدو آثار النعيم بين عينيه.
وكان الفلاحون يحبونه بقدر ما كانوا يكرهون ابنة عمه، فإنه كان كثير البشاشة وكانت هي كثيرة التيه والخيلاء.
غير أنه حدث له انقلاب فجائي منذ بضعة أشهر، فامحت آثار تلك البشاشة وتمكنت منه السويداء وذهبت رغبته بالصيد.
فكان يظهر بمظاهر الفتور مع ابنة عمه، بعد أن كان لا يطيب له العيش إلا بقربها.
أما أورور فكانت كثيرة الإعجاب بنفسها، شديدة التيه بجمالها، فكانت تعلل انقلاب ابن عمها من الطيش إلى الرزانة، ومن الزهو إلى السويداء لأنه قد بلغ مبالغ الرجال، وأثر حبها على قلبه هذا التأثير فناء في مهامه التفكير.
وكانت تعبث به منذ الحداثة، وقد تعودت السيادة عليه، ورضيت أن تكون امرأة له منذ أراد أهلهما هذا الزواج.
Bilinmeyen sayfa