سب صاحبك وكل خيزبته، ولا تذكر في ذلك معرفته. اضرب عسيفك واغصبه قبضه، واحذر أن تقذف ربضه. جعل في النساء ما ليس هو من أمر النساء. يغفر لك ظلم الأيام ولا يغفر قبيح الشتام. من قذف بكلمة في المنطق أخف من حصاة الخذف، فهي أثقل من الهضبة عظمت عن نزع وقذف. إذا عرفت من عبدك ملأمة، فلا تعيبن امرأته الأمة.
لا تصبر الأجمال الوانية إن قيل إن الناقة زانية. ولكن الأنيس إذا عرفوا ذلة ذليل طمعوا، وإذا لقوا بالعزة نقضوا الذي أجمعوا، لا تفرق رءوس العيدان من وطء الناقذ ولا الهدان؛ والقمر لا يلحق به الغمر. ولا تشد الرحالة على ثبج بحر زاخر، ولا تناط الخزامة بأنف جمل قفاخر؛ ولا يلعب صبي بالصل ولا بالمرمة بنت الظل؛ إنما توطأ مغاريد القاع ويخزم أنف جمل وقاع، ويجترأ على ظهر ذلول، ويلعب الطفل بولد العكرشة، ما أهون دمه من مطلول.
وفي الحرملة طمع الأرملة. والصدق أنبأ عنك صاحبك، ونهاه أن يناحبك.
والإنس لا تحفظ محارم الإنس فما ظنك بغير ذلك؟ العرب غزت الروم فقلدت بناتها الكروم، وما ذلك لكرم المسبية بل لحاجة في الصدر خبية. والروم غزت العرب فلقيت البأس والحرب. وإذا كان الإنسى لا يعرف قرابة إنسى فهل ترجوه للحفاظ راعية ذبح بالبسى؟ وإذا رأيت النمر لا يبر النمر فلن يبر الظبي الخمر. وإذا أضحى الأسد غير مشفق على الشبل فما يشفق على أولاد الإبل. وإذا نشأت الحجر العربية ترمح عن الظبي المهر، فهل ترضع جآذر الصوار الزهر؟ وإذا غدت السعدانة لا تغر جوازل أختها الفقيدة، فالنسر وإن ضرب به المثل في البر، أجدر أن لا يلتفت إلى غربج للورقاء المصيدة. إن الصورة توجب مودة مصورة، واختلاف الصور لا يلام أهله على الزور. ألا ترى ما فعله بنو آدم في أولاد " الجديل " وغيره من فحول الإبل؟ حملتهم في كل سفر فلم يرعوا ذلك لبنات " العيد ". وقضوا على ظهورها ما صعب من مآرب النفوس، فما عرفوا تلك العارفة لطليح معكوس. تحمل الرجل ناقة مالعة ما هي في سيره والعة، ويكون قصده بها أرض الحرم آملًا أن تغفر ذنوبه، وقد كثرت في الآثام عيوبه، فتلقى تحته من الظمإ ومراس الخنتار ما يهون عليها الشجب.
تحمل المزادة المروية وكبدها صادية، وتصمت عن اقتضائه بالمأربة والحاجة بادية. حتى إذا أتهم بها المغذ، خطىء فرمي صيدًا، فعقر تلك الناجية فيدًا فيدًا. فلا إله إلا الله، يتحرج ابن آدم من إلحاق المخشي بحيوان وحشي، فيغسل حوبه فيما يزعم بقتل حيوان قد صحبه وفعل معه خيرًا واستوجبه: حمل رحله وزاده حتى آب من السفر بلاده. فأي أقرب وسيلة: أربداء تصاحب حسيلة، أم وجناء أذهبت نقيها لسيرك وكان لبنها من ميرك، وقتها فيما غبرك من الدهر مثل ما تقوت عيلتك؟.
ومن عجائب فعال الإنس أنهم إذا أرادوا سلوك بلد معطشة ظمئوا الإبل عشرًا حتى إذا لم يترك الظمأ لها أوردوها الرفه، ثم سلكوا بها المفاور فإذا " عزيز الدولة وتاج الملة أمير الأمراء " الماء بقروا بطونها فشربوا الفظ. وقد وصفوا ذلك وتناقلوه، فقال " علقمة بن عبدة ":
وقد أُصاحبُ أَقوامًا طعامُهمُ ... خُضْرُ المَزادِ ولحمٌ فيه تَنشِيمُ
وقال الشاعر:
سَقَيناهن رِفْهًا بعد عِشْرٍ ... وأَوْكرنا المزادَ من الكُبودِ
وقطَّعنا مشافِرَها وخِفنا ... تجرُّرَها، فما اجترتْ بِعُودِ
وأنشد " أبو عمران الكلابي ":
أَوْنًا فقد إِنَّا على الطُّلُحِ ... أَيْنًا كأَيْنِ الحافرِ المُوَكَّحِ
نرمي بها كلَّ تنوفية ... غبراءَ مثل الأَنجمِ اللُّمَّحِ
مَزادةُ الراكب فيها إِذا ... لم ينتضِ المخصفَ لم تُفتح
وقال الشاعر:
ضمِنَتْ لهم أَرماقَهم إِسآدُها ... وجُرومُها كأَهِلَّةِ النحل
ورَدوا بأَرشية الحديد ففرَّجوا ... عن ثائر الجنَبات كالغِسْلِ
وشربوا دماءها فصدًا في الجدب، وأكلها فقراؤهم ميتة، وقالوا في المثل: " لم يجزم من فزد له " - يريدون: فصد له، فسكنوا الصاد على لغة ربيعة، ثم أبدلوا منها الزاي - فسبحان الله، قضوا عليها من قبل التلف أمورًا، وجعلوا بطونهم لها من بعد قبورًا! وليس ذلك من كرامتها عليهم. كان لبعض لأعراب جمل فكان يعمل عليه ويتعبه، فتنبل، فجعل يأكل لحمه ويقول:
1 / 9