فيقول نابغة بني جعدة: ما جعلت الشّين قطُّ رويًّا، وفي هذا الشعر ألفاظٌ لم أسمع بها قطُّ: ربشٌ، وسهمة، وخششٌ.
فيقول مولاي الشيخ الأديب المغرم بالعلم: يا أبا ليلى، لقد طال عهدك بألفاظ الفصحاء، وشغلك شرابٌ ما جاءتك بمثله بابل ولا أذرعات، وثنتك لحوم الطَّير الرّاتعة في رياض الجنَّة، فنسيت ما كنت عرفت، ولا ملامة إذا نسيت ذلك، " إنّ أصحاب الجنَّة اليوم في شغلٍ فاكهون، هم وأزواجهم في ظلالٍ على الأرائك متَّكئون، لهم فيها فاكهةٌ ولهم ما يدَّعون ".
أما ربش، فمن قولهم: أرضٌ ربشاء إذا ظهرت فيها قطعٌ من النَّبات وكأنَّها مقلوبةٌ عن برشاء، وأمَّا السهمة فشبيهةٌ بالسُّفرة تتَّخذ من الخوص، وأمّا خشش فإنّ عمرو الشَّيبانيّ ذكر في كتاب الخاء أن الخشش ولد الظبَّية.
فكيف تنشد قولك:
وليس بمعروف لنا أن نردّها ... صحاحًا، ولا مستنكرًا أن تعقَّرا
أتقول: ولا مستنكرًا، أم مستنكرٍ؟ فيقول الجعديُّ: بل مستنكرًا. فيقول الشيخ: فإن أنشد منشدٌ: مستنكرٍ، ما تصنع به؟ فيقول: أزجره وأزبره، نطق بأمرٍ لا يخبره.
فيقول الشيخ، طول الله له أمد البقاء: إنّا لله وإنَّا إليه راجعون، ما أرى سيبويه إلاَّ وهم في هذا البيت، لأنَّ أبا ليلى أدرك جاهليةً وإسلامًا، وغذي بالفصاحة غلامًا.
وينثني إلى أعشى قيس فيقول: ... يا أبا بصيرٍ أنشدنا قولك:
أمن قتلة بالأنقا ... ء دارٌ غير محلولة
كأن لم تصحب الحيَّ ... بها بيضاء عطبوله
أناةٌ ينزل القوسيَّ ... منها منظرٌ هوله
1 / 35